خلص تقرير أصدرته مجموعة "رينيسانس كابيتال" Renaissance Capital للاستثمارات المالية، إلى أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد يكون أكثر أنظمة إفريقيا عرضةً للتغير بسبب ارتفاع التضخم.
حيث نقلت مجلة The Africa Report عن تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين بالمجموعة، قوله إن ارتفاع التكاليف يزيد مخاطر تغير الأنظمة في العديد من البلدان الإفريقية، لأن ارتفاع أسعار السلع يفاقم احتمالات الانخفاض في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.
أزمة تواجه نظام الحكم في مصر
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أنّ تراجع الناتج المحلي للفرد في معظم الأسواق الناشئة عام 2022 لن يكون له سوى تأثير ضعيف فيما يتعلق بمخاطر تغير أنظمة الحكم السياسية، لأن معظم هذه الأسواق غنية ومستقرة بما يكفي لتحمُّل الأزمة، إلا أن الأمر ليس كذلك في كثير من البلدان الإفريقية، وذلك وفق العرض الذي نشره موقع Middle East Eye البريطاني للتقرير يوم الأحد 24 أبريل/نيسان 2022.
ففي حين أن تكاليف التعبئة والعمالة والنقل هي التي تكوِّن الحصة الأكبر من الأسعار النهائية التي يدفعها المستهلكون مقابل السلع في البلدان الغنية، فإن تكاليف المواد الخام للأغذية في إفريقيا تأتي أعلى من سعر البيع، ومن ثم تزيد التكلفة الواقعة على الحكومات.
حيث تعتمد مصر اعتماداً كبيراً على الواردات في موادها الغذائية، خاصةً وارداتها من روسيا وأوكرانيا، حيث جاء من البلدين ما يقرب من 80% من واردات البلاد من القمح في عام 2021. ومن ثم فإن الاقتصاد المصري أقرب إلى التأثر الشديد بالوضع في أوكرانيا.
كما زادت الأسعار في مصر خلال الأسابيع الأخيرة زيادة كبيرة، ما استدعى حالة من السخط العام وازدياد الضغوط التي تحث السلطات على اتخاذ تدابير فعالة للسيطرة على هذا الارتفاع في أسعار السلع.
شملت هذه التدابير إجبار الحكومة المصرية مزارعي القمح المحليين على بيع جزء من محصولهم للحكومة.
تدهور العملة المحلية وزيادة التضخم
من ناحية أخرى أشار تقرير مجلة The Africa Report إلى أن روبرتسون استند في قياسه لاحتمالات تغير أنظمة الحكم إلى "مقياس البناء السياسي" Polity Score الذي يصدره "مركز السلام المنهجي" الأمريكي، والذي تصنَّف فيه الحكومات على مقياس من 21 نقطة تتراوح من -10 (لأنظمة الملكية الوراثية) إلى +10 (لأنظمة الديمقراطية المستقرة)، ويتضاعف خطر التحول نحو الاستبداد إلى 7 % عندما يرتفع التضخم فوق 50%.
حيث كتب روبرتسون أن البلدان الإفريقية التي ترتفع مخاطر تغيير النظام فيها إلى نسبة 25% تحت وطأة الانخفاض في نصيب الفرد من الناتج المحلي، هي: إثيوبيا وتنزانيا والسودان وزيمبابوي والمغرب ومصر.
في سياق موازٍ ارتفع معدل التضخم السنوي بمدن مصر إلى 10.5% في مارس/آذار 2022 وهو أعلى معدل منذ يونيو/حزيران 2019، وعزا "الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء" زيادة التضخم إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصةً الخضار والخبز والحبوب.
ارتفاع مخصصات القمح
كان وزير المالية المصري، محمد معيط، قال في شهر مارس/آذار 2022، إن مخصصات القمح في ميزانية الدولة "سترتفع بنحو مليار دولار".
في حين يرى روبرتسون أن هذا الارتفاع في التكاليف إذا أدى إلى تهاوي نصيب الفرد من الناتج المحلي، فإن هناك احتمالاً نسبته 25% بأن يفضي ذلك إلى تغيير النظام في مصر، وينطوي ذلك على احتمال نسبته 5% بالتحول إلى نظام سلطوي بالكامل، واحتمال نسبته 20% بالتحول نحو نظام ديمقراطي.
كما خلص روبرتسون إلى أن الزعيم السياسي الذي يريد الحفاظ على منصبه يجدر به أن يبذل أقصى ما في وسعه للإبقاء على معدلات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة إيجابية، وبالتأكيد فإن الوقت الحالي "ليس وقتاً مناسباً لإلغاء دعم الخبز".