أثار إعلان الحكومة البريطانية عن خطتها بإرسال طالبي اللجوء والمهاجرين إلى رواندا اندهاشاً في معظم أنحاء أوروبا، لكن ذلك مختلف بالنسبة إلى الدنمارك، التي استحسنت الخطة، ويبدو أنها مقبلة على إبرام صفقة مماثلة، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية.
في تقريرها الذي نشر الأحد 17 أبريل/نيسان 2022، أشارت الصحيفة البريطانية إلى وصول أكثر من مليون طالب لجوء من سوريا وأماكن أخرى إلى أوروبا في عام 2015.
منذ ذلك الوقت تمسكت الحكومات الدنماركية المتعاقبة، على اختلاف توجهها السياسي يميناً ويساراً، باتخاذ تدابير متشددة أو التهديد بها لثني المهاجرين عن اللجوء إليها.
حيث تصدرت أخبار تلك التدابير عناوين الأخبار في كثير من الأحيان لما اتسمت به من تشدد في ردع اللجوء إلى البلاد.
التضييق على اللاجئين في الدنمارك
في هذا السياق، قالت مته فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن هدفها هو تقليص عدد الأشخاص الساعين إلى طلب اللجوء في بلدها إلى الصفر.
إذ أقرت البلاد في عام 2016 قانوناً يفرض على طالبي اللجوء الوافدين حديثاً تسليم متعلقاتهم، من مجوهرات وذهب وأشياء ثمينة أخرى، ثمناً لدفع تكاليف إقامتهم.
شملت التدابير المتشددة للحكومة الدنماركية تصنيف المناطق التي تضم عدداً كبيراً من المهاجرين بأنها مناطق "غيتو"، وإصدار قرارات للحد من إقامة "غير الغربيين" فيها.
كما قالت ميشالا بنديكسن، مؤسِّسة منظمة Refugees Welcome الخيرية لمساعدة اللاجئين، إن "الدولة الدنماركية كان هدفها ردع اللاجئين عن القدوم في كل ما اتخذته من خطوات على مدار العشرين عاماً الماضية".
كما أوضحت: "كان قوام الأمر هو إخافة اللاجئين على نحو يصرفهم عن اللجوء إلى كوبنهاغن. والرسالة هي: عليك أن تذهب إلى ألمانيا أو فرنسا أو أي مكان آخر، الخلاصة أن أي مكان آخر خيرٌ لك من هذا المكان".
تتفاوض بدورها مع رواندا
في المقابل، أبدت الدنمارك ترحيبها باللاجئين القادمين من أوكرانيا. وأعلنت الحكومة عن توقعات باستقبال ما يصل إلى 100 ألف لاجئ أوكراني، وعزمها على بناء ما تسميه مشروع "المدن الأوكرانية" وتخصيصه لإيوائهم، والسماح لهم بالعيش معاً في هذه المدن وتعليم أطفالهم بلغتهم الأم.
على النقيض من ذلك، كانت الدنمارك، مثل بريطانيا، تتفاوض مع رواندا منذ شهور من أجل صفقة لاستضافة اللاجئين، إلا أن الحكومة البريطانية سبقتها إلى ذلك، وأعلنت بريتي باتيل، وزير داخلية بريطانيا، عن إبرام اتفاق مع رواندا الأسبوع الماضي.
نقل موقع Tekdeeps الإخباري عن ماتياس تسفاري، وزير الهجرة الدنماركي، الأسبوع الماضي، أن الوزير استدعى ممثلي الأحزاب السياسية لمناقشة "الرؤية المشتركة للدنمارك ورواندا من أجل إصلاح شامل لنظام اللاجئين واللجوء".
إعادة اللاجئين إلى رواندا
لم تبرم الحكومة الدنماركية صفقةً مع رواندا بعد، إلا أن تسفاي قال إن محادثاته مع الحكومة الرواندية "تشمل آلية لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا، وهذه الآلية جديرة بأن تتضمن نهجاً أشد اعتناء بالمهاجرين من الشبكة الإجرامية لمهربي البشر المهيمنة على الهجرة عبر البحر المتوسط حالياً".
بدأت سياسة الدنمارك المتشددة في مناهضاتها للمهاجرين في ظل حكومة يمين الوسط برئاسة لارس لوكه راسموسن، الذي وصل إلى السلطة في يونيو/حزيران 2015، في ذروة أزمة المهاجرين.
المثير للدهشة أن رئيسة الوزراء الحالية، التي حل تحالفها من مؤيدي يسار الوسط محلَّ حكومة راسموسن في عام 2019، تمسكت بسياسات سلفها، لا سيما أنها تتماشى مع آراء الناخبين من الطبقة العاملة في حزبها.
لطالما أثارت إجراءات الحكومة الدنماركية جدلاً في الداخل والخارج، وبلغ الأمر مقاضاة الحكومة الدنماركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وذلك كله على الرغم من أن أرقام طالبي اللجوء إليها منخفضة.
إذ لم يتقدم إلا 1547 شخصاً بطلبات لجوء إليها في عام 2020، وهو انخفاض بنسبة 57% عن عدد طالبي اللجوء في عام 2019، وأقل عدد لهم منذ تسعينيات القرن الماضي.