مع التوترات التي تعيشها ليبيا على أثر تعميق الانقسام مجدداً بين رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، يبرز تساؤل مهم، وهو: أين يقع حفتر من هذا الصراع، وهل يعيش الرجل عزلة سياسية وعسكرية، خاصة بعد دخول روسيا "حليفه الأبرز"، حرباً في أوكرانيا وفرض عقوبات أمريكية ودولية كبيرة عليها؟
تأثر نفوذ حفتر بشكل كبير في ليبيا بعد حرب روسيا وأوكرانيا، فحفتر "يدين لروسيا" بالبقاء في منصبه شأنه شأن بشار الأسد في سوريا، إلا أن الضغوط التي تمارَس عليه أصبحت أكبر من أن يتصدى لها، في ظل انشغال بوتين بحربه الأكبر.
حين خسر حفتر الحرب في طرابلس، وأخذت اتفاقية وقف إطلاق النار تدخل حيز التنفيذ، كان لا يزال يحاول فرض قواعد لعبته على الأرض مستعيناً بنفوذه، إلا أنه ومع المتغيرات الجديدة غدا مُنفذاً للأوامر الأمريكية، حسب مراقبين.
"إخراج المرتزقة الروس قبل أي شيء"
طالبت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، خليفة حفتر بإخراج المرتزقة الروس فوراً من ليبيا، إذ يُنظر إليه باعتباره هو من أدخلهم إلى ساحة القتال وهو من يتحمل وحده مسؤولية إخراجهم، لكنه واقعياً لا يملك سلطة حقيقية لإخراجهم من المناطق التي يسيطرون عليها.
شروط مفروضة على حفتر..
يقول المحلل السياسي مصطفى المهرك، لـ"عربي بوست"، إن حفتر يعيش واحدة من أصعب الفترات التي مرت عليه منذ وصوله إلى السلطة، إذ تفرض عليه المبعوثة الأممية والسفير الأمريكي شروطاً لا يمكن الفكاك منها، من بينها الحفاظ على المسار السياسي القائم، وعدم المساس بالمؤسسة الليبية للنفط وإدخالها في أي صراع سياسي أو جعلها جزءاً من المعركة، إضافة إلى عدم التصعيد العسكري في مناطق الشرق.
كان ممثلو القيادة العامة للجيش الليبي في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) قد أعلنوا تعليق كافة أعمال اللجنة إلى حين النظر في مطالب أعلنوها في بيان مصور، من بينها الحصول على رواتبهم، بيد أنهم هددوا بوقف إمداد النفط الليبي من مناطق الشرق مثلما فعلوها مسبقاً.
واتهموا رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة، بأنه "عمِل على النهب الممنهج وغير المسبوق لأموال الليبيين".
تهديدات، رأى "المهرك" أن ممثلي القيادة في الشرق لن يستطيعوا تنفيذها حتى لو أرادوا ذلك، ورغم أنهم نفذوها مسبقاً فإن خريطة الصراع الآن تغيرت، فلم يعد لحفتر وقيادته صلاحيات حتى لتنفيذ أي تهديدات سواء بقطع إمدادات النفط أو غيره، خاصة مع دخول الدبيبة وباشاغا على خط الأزمة، والضغط على حفتر بسبب روسيا.
يريد حكماً ولو ضمنياً
يضيف "المهرك" أن حفتر يحاول الرضوخ للإملاءات الأممية والأمريكية بعد تراجع الحلف الروسي، إذ يريد البقاء في السلطة وعلى رأس قيادة الجيش حتى لو بشكل ضمني.
يشير "المهرك" إلى أن حفتر لم يعد له ممثلون في المحافل السياسية سوى أبنائه، وأن منطقة الشرق التي كان يسيطر عليها حفتر كانت خاضعة لحكمه بشكل مطلق، لكنها الآن انفتحت لتشمل 3 ولاءات، بين حفتر والدبيبة وباشاغا، إضافة إلى أن القبضة الأمنية المجحفة التي كانت تسيطر على المنطقة قد خفت وطأتها، أضف إليها بعض إشارات من أبناء حفتر تلمح بوجود مشروع مصالحة مع مهجّري المنطقة الشرقية وارجاع ممتلكاتهم إليهم، أشار إلى ذلك خالد حفتر في كلمة له على هامش حفل تخريج دفعة من الجيش
دعم ليبي إلى روسيا
وبعد الحرب الروسية الأوكرانية كانت قد انتشرت أنباء إرسال ليبيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي، جاء ذلك بعد أيام من إعلان الكرملين أنه سيفتح الباب أمام السوريين للقتال إلى جانب الجيش الروسي في إطار عمليته العسكرية التي بدأها في 24 فبراير/شباط.
وكانت السفارة الليبية في كييف ردت، الثلاثاء، على تقارير إعلامية عربية وغربية عن "تجنيد مرتزقة من ليبيا لصالح روسيا للمشاركة في القتال ضد أوكرانيا".
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تنفذ روسيا عملية عسكرية في جارتها أوكرانيا؛ ما دفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية على موسكو.