دخلت فرنسا في صمت انتخابي، السبت، 9 أبريل/نيسان 2022 عشية الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تخيّم عليها الأزمات الدولية، وترقّب منافسة جديدة تبدو نتيجتها غير محسومة بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
فمنذ منتصف ليل الجمعة، الموعد الرسمي لانتهاء حملة الدورة الأولى، دخلت البلاد مرحلة الصمت الانتخابي ولم يعُد يحق للمرشحين الـ12 التحدث أو تنظيم تجمعات، ومع ذلك شارك المرشحان يانيك جادوت وجان لوك ميلانشون في مسيرة نُظِّمت السبت في باريس من أجل المناخ و"العدالة الاجتماعية" وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس يوم السبت 9 أبريل/نيسان 2022.
الإدلاء بالأصوات في انتخابات فرنسا
في حين دُعي نحو 48.7 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع الأحد، اعتباراً من الساعة 06:00 بتوقيت غرينتش لاختيار مرشحَين نهائيَين سيتواجهان في الدورة الثانية في 24 أبريل/نيسان 2022.
لكن الناخبين في أقاليم فرنسا ما وراء البحار بدأوا الإدلاء بأصواتهم السبت، أولاً في أرخبيل سان بيار وميكلون قبالة سواحل كندا في الساعة الثامنة صباحاً (منتصف النهار في باريس)، ثم في غويانا الفرنسية في أمريكا الجنوبية، وفي جزر الكاريبي الفرنسية المارتينيك وغوادلوب وسان مارتان وسان بارتيليمي.
أما في المحيط الهادئ، فيبدأ التصويت في بولينيزيا عند الساعة الثامنة مساء بتوقيت باريس وكذلك في واليس وفوتونا وكاليدونيا الجديدة.
وقد بدأ أيضاً بعض الفرنسيين المغتربين التصويت، باستثناء المقيمين في شنغهاي الصينية بسبب الإغلاق المفروض لاحتواء تفشي كوفيد.
حملات كئيبة بسبب كورونا
في حين تختتم الدورة الأولى عدة أشهر من الحملات الكئيبة التي طغى عليها كوفيد ثم الحرب في أوكرانيا، وغابت عنها قضايا رئيسية أبرزها تغير المناخ.
فيما ستُكشف المؤشرات الأولى للنتائج في الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينتش بعد إغلاق آخر مراكز الاقتراع.
من جانبها، تفيد كل استطلاعات الرأي أن ماكرون ولوبان اللذين سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في العام 2017، هما الأوفر حظاً للتأهل مجدداً الأحد، لكنها تشير إلى تقلّص الفارق بينهما أكثر فأكثر.
لكن لا تستبعد الاستطلاعات، مع الأخذ في الاعتبار هامش الخطأ، فوز لوبان الذي سيمثل سابقة مزدوجة في ظل الجمهورية الفرنسية الخامسة التي لم يسبق أن حكمتها امرأة أو سياسي من اليمين المتطرف.
في حين أن الدورة الأولى قد تحمل مفاجآت، خصوصاً بسبب العدد الكبير جداً من الناخبين الذين ما زالوا مترددين، وعامل الامتناع الهائل عن التصويت.
من جانبه، يؤكد الخبير السياسي باسكال بيرينو أن "هذا الاقتراع هو الأول الذي تبلغ فيه نسبة الأشخاص المترددين أو الذين غيروا موقفهم هذا المستوى مع 50% تقريباً".
مفاجأة في الدورة الثانية
فيما يأمل مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي تضعه استطلاعات الرأي في المركز الثالث خلف لوبان، في إحداث مفاجأة بالتأهل إلى الدورة الثانية. ويدعو منذ عدة أسابيع ناخبي اليسار المنقسم والممثل بعدة مرشحين، للتصويت لصالحه.
المرشحون الآخرون من اليسار هم المدافع عن البيئة يانيك جادو والاشتراكية آن هيدالغو والشيوعي فابيان روسيل، لكن جزءاً من ناخبيهم قد تغريهم فكرة "التصويت المفيد" لصالح ميلانشون.
من ناحية أخرى، فخلف ميلانشون، تضع استطلاعات الرأي مرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكريس ومرشح اليمين المتطرف الآخر إريك زمور.
أما في مواجهة احتمال فوز اليمين المتطرف بالرئاسة، فكشف بعض المرشحين عن مواقفهم التي سيعلنون عنها مساء الأحد: فابيان روسيل سيدعو للتصويت ضد لوبان، فيما رفضت فاليري بيكريس التصريح لمن ستصوت في الدورة الثانية. لكن في أوساط ماكرون، هناك إقرار بأن فكرة "الجبهة الجمهورية" التي تشكلت لدعمه في الجولة الثانية عام 2017، لم تعد أمراً مسلّماً.
من جانبه، يقول مستشار للرئيس المنتهية ولايته إن "مجرد قول (لن يمروا) لن ينجح هذه المرة".
ظهور إريك زمور في المشهد اليميني
لكن بعد هزيمتها عام 2017، وشعورها بالارتباك لبعض الوقت إثر ظهور إريك زمور في المشهد اليميني المتطرف، تجاوزت مارين لوبان تدريجياً تعثرها واستعادت بريقها، إلى حد أنها قدمت نفسها خلال آخر تجمع نظمته الجمعة بأنها تمثل "فرنسا الهادئة" في مواجهة إيمانويل ماكرون "العدواني" و"المضطرب".
من جانبها، ظهرت ابنة اليميني المتطرف جان ماري لوبان، ووريثته السياسية، على أنها "معتدلة" بفضل خطاب إريك زمور المتشدد ضد الإسلام والهجرة.
كما ركزت حملة لوبان على القوة الشرائية، الشاغل الرئيسي للشعب الفرنسي القلق بشأن التضخم وارتفاع أسعار الطاقة.
لكن وفي مواجهتها، بدأ ماكرون حملته بشكل متأخر جداً، إذ حاول تقديم صورة زعيم تشغله الأزمات الصحية والدولية، وهو أمر خدمه في البداية قبل أن يجعله يبدو منفصلاً عن الاهتمامات اليومية للفرنسيين، وإدراكاً منه للخطر دعا الرئيس المنتهية ولايته منذ بداية أبريل/نيسان 2022 إلى "التعبئة" ضد اليمين المتطرف.