لم يكن مفاجأةً إعلانُ حزب الله استضافة أمينه العام حسن نصرالله، على مائدة إفطار أمس الجمعة، كلاً من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والرجلان رغم أنهما الحليفان المباشران لحزب الله ونظام بشار الأسد في الساحة المسيحية اللبنانية، فإنهما يخوضان حرباً وجودية منذ العام 2016، عنوانها التنافس على "رئاسة الجمهورية" إلا أن الانتخابات البرلمانية أصبحت هي الشغل الشاغل للقادة.
الانتخابات البرلمانية لتطويق القوات والخصوم
تشير مصادر في حزب الله لـ"عربي بوست"، أن هذا اللقاء يأتي في إطار مساعٍ بذلها الحزب على مستويات رفيعة، بُذلت منذ أكثر من ثلاثة أشهر، في سياق ضرورة إعادة إحياء عناصر الثقة بين حلفاء الحزب، لتوحيد الحلفاء في ظل التحولات المتسارعة محلياً وإقليمياً.
وتؤكد المصادر نفسها أن الحزب عمل خلال المراحل السابقة لإعادة توفير عوامل الثقة بين الطرفين، حيث قاد كل من الحاج حسين الخليل، المعاون السياسي لنصر الله، ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، جهوداً مضنية مع الجانبين لوضع خارطة طريق مشتركة، بعد خلافات كثيرة بين الرجلين لحسابات سياسية وانتخابية برلمانية ورئاسية، ويشير المصدر إلى أن الأمر الإيجابي الأساسي الذي بُنيت عليه المفاوضات بين الرجلين هو اقتناعهما بالالتقاء الاستراتيجي على الخطوط السياسية العريضة، وتحديداً التحالف الاستراتيجي مع حزب الله وسوريا وإيران.
ويؤكد المصدر نفسه أن التحديات الكبيرة التي يواجهها الحزب وحلفاؤه تُحتم الالتقاء في هذه المرحلة الدقيقة، بهدف الفوز في الانتخابات النيابية القادمة، لمنع حصول القوات اللبنانية والمعارضين للحزب على مقاعد معطلة لبرنامج فريق "8 آذار"، في المرحلة القادمة، خدمة لأجندات أجنبية، لذا لم يكن بإمكان حزب الله ترك حلفائه في حالة من التشتت، على غرار ما هو الوضع على ضفة خصومه، في ظل الخلافات القائمة بين تيار المستقبل وبعض الشخصيات السنية كالرئيس فؤاد السنيورة، أو بين حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب.
وتضيف المصادر أن حزب الله حاول سابقاً الجمع بين الطرفين في الانتخابات النيابية على لائحة موحدة، تضم فرنجية وباسيل في دائرة الشمال الثالثة، والتي ستشهد أشرس المعارك "المسيحية-المسيحية"، ولكن لم تنجح تلك المحاولات لأسباب انتخابية وحسابات الفوز والخسارة وتعقيدات القانون الانتخابي، لأن أي طرف من الطرفين لا يريد أن يظهر نفسه بأنه في حاجة للآخر.
نصر الله يؤجل النقاش في الرئاسة.. المعركة وجودية
تشير مصادر مقربة من التيار الوطني الحر لـ"عربي بوست"، أن اللقاء بين باسيل وفرنجية كان إيجابياً، إذ جرى على مدى ثلاثة ساعات جلسة مصارحة للهواجس المشتركة، وضرورة تطويقها، ومنع تحويلها لمادة سياسية يستفيد منها خصوم الجانبين، وتحديداً القوات اللبنانية وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير المعطيات إلى أن نصر الله أكد للجانبين حتمية اعتبار المعركة الانتخابية القادمة معركة وجودية، وخاصة في ظل ما تمر به البلاد من تحديات مشتركة في الملفات المالية والسياسية والأمنية، وتؤكد المصادر أن نصر الله طلب تأجيل النقاش بموضوع الانتخابات الرئاسية لما بعد جلاء غبار الانتخابات البرلمانية، منتصف شهر مايو/أيار المقبل؛ لأن الحزب لا يريد إعطاء وعود من الآن لأي طرف سياسي حول انتخاب رئيس للجمهورية.
مصالحة لمواجهة التحولات الإقليمية والعودة العربية
بالمقابل، يؤكد مصدر حزب الله أن اللقاء كان مناسباً، كونه أتى بعد تشكيل اللوائح الانتخابية، وبانتظار خوض المعركة الانتخابية، فكان لا بد من تخفيف حدة التوتر وعدم دخول الحلفاء في معارك يستفيد منها الآخرون، تؤدي إلى إضعافهم. كذلك فإن الحزب لا بد له من جمع كل حلفائه، لتثبيت معادلة حصوله على الأكثرية النيابية، خصوصاً في ضوء كل التطورات الخارجية والداخلية.
ويعتقد المصدر أن التطورات الإقليمية والدولية باتت تشير بشكل مباشر إلى ضرورة الوحدة بين الحلفاء، لمواكبة انعكاسات المفاوضات الإيرانية مع الدول الكبرى في فيينا، واحتمال الوصول إلى اتفاق نووي خلال فترة وجيزة، أو مواكبةً لما تقوم به السعودية ودول الخليج في العراق واليمن ولبنان، والذي يعود إليه الخليجيون في ظل مساعٍ أمريكية-فرنسية مع مصر وقطر لإعادة التوازن.
في الإطار نفسه يعتقد مرجع سياسي معارض لحزب الله، أن الحزب يعتقد أنه لا بد من مواجهة كل التطورات المتسارعة في فيينا أو أوكرانيا أو اليمن بشكل موحد، وخاصة أن الحزب ومعه بعض حلفائه مدرجون على لوائح العقوبات الأمريكية والأوروبية، وتحديداً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أو مستشار فرنجية، الوزير السابق يوسف فينيانوس، وعليه لا بد من الخروج برؤية مشتركة لمواجهة العواصف الإقليمية والدولية والعودة العربية للبنان.