تسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، منذ بدئه في 24 فبراير/شباط الماضي، وما تبعه من أزمات على نطاق عالمي، بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في معظم البلدان العربية تزامناً مع شهر رمضان المبارك، الذي يكتسب خاصية عن سائر الشهور لدى المسلمين، بما يشمله من تقاليد التجمعات الكبيرة على ولائم الطعام.
كان الكثيرون يأملون في رمضان أكثر بهجة هذا العام، بعدما تسبب وباء فيروس كورونا المستجد في عزل ملياري مسلم في العالم عن طقوس رمضان المقدسة على مدار العامين الماضيين، وبدلاً من ذلك يجد الكثيرون هذا العام صعوبة حتى في شراء المستلزمات الأساسية للحياة.
أزمة اقتصادية متراكمة في لبنان
في بيروت غلب الصمت على الاحتفالات، وأعرب العديد من السكان عن صدمتهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي شهدت مزيداً من الارتفاع بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، الشهر الماضي.
يواجه اللبنانيون أسوأ أزمة اقتصادية في بلادهم منذ عامين ماضيين؛ حيث انهارت العملة وغرقت الطبقة الوسطى في البلاد في براثن الفقر. وأدى الانهيار الذي أصاب هذا البلد المتوسطي الصغير إلى نقص حاد في الكهرباء والوقود والأدوية.
يقول "محيي الدين بازازو"، وهو صاحب محل بقالة في حي زقاق البلاط في بيروت، لصحيفة The Washington Post الأمريكية: "الأمر ليس مثل كل عام؛ لأنَّ معظم الناس لا يملكون الكهرباء لشراء أغراض لتخزينها وتجهيز أنفسهم لشهر رمضان".
كانت العديد من الرفوف في متجر بازازو فارغة عشية رمضان. وقال إنه كان يكافح حتى للحصول على الدقيق، ويشتريه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
من جانبه، قال أحد المتسوقين، يدعى حسن إبراهيم، إنه لا يستطيع مواكبة الأسعار "فقط أولئك الذين يسرقون أو يبيعون المخدرات أو السياسيون يمكنهم العيش، بخلاف ذلك لا أحد يستطيع".
ومع الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا يتساءل ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط، الذين انقلبت حياتهم بالفعل بسبب الصراع والنزوح والفقر -من لبنان والعراق وسوريا إلى السودان واليمن- من أين سيُؤمِّنون وجباتهم التالية.
توفر أوكرانيا وروسيا ثلث صادرات القمح والشعير العالمية، التي تعتمد عليها دول الشرق الأوسط لإطعام ملايين الأشخاص الذين يعيشون على الخبز المُدعَّم والمعكرونة بأسعار معقولة، بجانب أنَّ الدولتين من كبار المُصدِّرين للحبوب الأخرى وزيت بذور عباد الشمس المستخدم في الطهي.
رمضان مختلف في مصر
وفي القاهرة، حيث تشمل التقاليد الرمضانية تعليق أضواء وفوانيس ملونة في جميع أنحاء الأزقة الضيقة بالمدينة، خرج المتسوقون في وقت سابق من هذا الأسبوع لشراء البقالة وزينة الأعياد، رغم أنَّ الكثيرين لم يتمكنوا من الشراء بنفس القدر كما فعلوا العام الماضي.
مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وقد استوردت معظم واردات القمح من روسيا وأوكرانيا في السنوات الأخيرة، شهدت عملة البلاد أيضاً هبوطاً في الأيام الأخيرة؛ ما زاد من الضغوط الأخرى التي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وقال أحد العملاء، ويدعى حسن علي: "كلنا سنتأثر، على أية حال، ندعو الله فقط أن يساعدنا على عبور هذه المرحلة".
الأزمة مضاعفة في غزة
أما في قطاع غزة، فقد تدفق عدد قليل من الناس، الجمعة 1 أبريل/نيسان، إلى الأسواق التي تكون عادةً مزدحمة في هذا الوقت من العام. بينما يقول التجار إنَّ الأزمة بين روسيا وأوكرانيا تسبّبت في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، إلى جانب التحديات المعتادة؛ ما أضعف الأجواء الاحتفالية التقليدية التي يخلقها شهر رمضان.
وفي سوق الزاوية في مدينة غزة، سار الناس عبر الأزقة الضيقة التي تحيط بها الأكشاك التي تعرض فوانيس رمضان والحلويات والطعام، وفحصوا البضائع، لكنهم لم يشتروا الكثير.
وقال أحد المتسوقين، ويدعى مازن المزنار: "الأسعار ارتفعت بنسبة 150%، لا يمكنك شراء المكسرات والمواد الغذائية والدقيق والسكر كما كان في الماضي، كل هذا أصبح باهظ الثمن الآن".
في العام الماضي، قرب نهاية شهر رمضان، سرقت الحرب الدامية التي استمرت 11 يوماً بين قادة حماس في غزة وإسرائيل الكثيرَ من البهجة باحتفالات رمضان وعيد الفطر. وكانت تلك رابع حرب مؤلمة مع إسرائيل خلال ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمان.