أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الأربعاء 30 مارس/آذار 2022، حل البرلمان؛ من أجل ما وصفه بـ"الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، وحفاظاً على الشعب التونسي"، وذلك رداً على عقد المجلس جلسة افتراضية تحدى فيها تحذيرات سعيّد، وأقر خلالها مشروع قانون يلغي الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس والتي كان من بينها تعليق أعمال مجلس النواب.
جاء ذلك في كلمة متلفزة لسعيّد خلال اجتماعه مع مجلس الأمن القومي، حيث قال سعيد: "الوضع الذي تعيشه تونس هذه الأيام وضع غير طبيعي. ونحن نواجه محاولة انقلابية، لكنها فاشلة"، مضيفاً: "بناءً على الفصل 72 من الدستور، أعلن اليوم وفي هذه اللحظة التاريخية عن حل المجلس النيابي؛ حفاظاً على الدولة وعلى مؤسساتها، وحفاظاً على الشعب التونسي".
سعيّد تابع: "الواجب الوطني يقتضي اليوم حماية الشعب والوطن، بناءً على أحكام الدستور، لأن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها".
فيما استطرد قائلاً: "لا أحد يعلم كيف تمت دعوة هذا المجلس للانعقاد، لأنه أولاً مُجمد، والاجتماع الذي تصوروا أنه حدث عبر قناة تلفزيونية أجنبية، وهو ما يحصل قط في تاريخ أي برلمان، وبالتالي لا شرعية له على الإطلاق".
أضاف الرئيس التونسي: "أقول للشعب التونسي لتأمنوا جميعاً بأن هناك مؤسسات للدولة قائمة وهناك شعب سيحميها من هؤلاء الذّين لهم فكرة الجماعة لا فكرة الدولة".
أما بخصوص الجلسة الافتراضية الأخيرة للبرلمان (المعلّقة اختصاصاته)، فقال الرئيس التونسي خلال لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، إن "الفتنة أشد من القتل"، متابعاً: "إن كانوا يريدون تقسيم البلاد وزرع الفتنة فنجوم السماء أقرب إليهم من ذلك".
إلغاء إجراءات قيس سعيد
في وقت سابق من يوم الأربعاء، أقرّ البرلمان التونسي، في جلسة عامة افتراضية، قانوناً يلغي الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيد، العام الماضي.
تلك الجلسة، التي تم بثها على موقع يوتيوب، مثَّلت أكبر تحدٍّ مباشر للرئيس الذي وصف البرلمان بأنه "من الماضي"، وفق قوله.
هذا القانون صوّت عليه 116 نائباً من إجمالي 121 شاركوا في الجلسة من أصل 217 عدد أعضاء البرلمان، بحسب تدوينة للنائبة مروى بن تمروت عن حركة النهضة (53 نائباً).
فيما ذكرت النائبة أن مشروع القانون لم يشهد تحفُّظ أو رفض أي من الأعضاء المشاركين بالجلسة، غير أنها لم تحدد موقف 5 نواب من التصويت.
القانون المُشار إليه ينص في فصله الأول على "إلغاء جميع الأوامر الرئاسية والمراسيم الصادرة بداية من تاريخ 25 يوليو/تموز 2021، ومنها تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، وتمديد التدابير الاستثنائية، وإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء".
كما ينص الفصل الثاني من القانون على أن يتِمّ نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرّسمية) وبموقع مجلس نواب الشعب، وعلى أن يُعمّم بكل وسائل النشر الممكنة، ويدخل حيّز النفاذ بداية من لحظة التصويت عليه، وينفذ كقانون من قوانين الدولة التونسيّة".
أزمة سياسية حادة
يشار إلى أنه منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة، وحل المجلس الأعلى للقضاء.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس أعلنت رفضها لهذه الإجراءات، واعتبرتها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
ومع اتجاه الاقتصاد نحو كارثة وسعي الحكومة لإنقاذ دولي وتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي بإضراب في القطاع العام رفضاً للإصلاحات الاقتصادية، يقول العديد من التونسيين إنهم أصيبوا بخيبة أمل من تركيز الرئيس على التغيير الدستوري وحسب.