فجأة، قررت إسرائيل الاستثمار في صناعة الطائرات العسكرية في المغرب، عوض بيعها له، لكن الرباط فضلت التريث في قبول عرض تل أبيب.
وكشفت مصادر "عربي بوست" أن إسرائيل حملت إلى المغرب عرضاً للاستثمار في صناعة الطائرات المدنية والعسكرية في المملكة، في أعقاب الاتفاقيات الأولى الموقعة بين تل أبيب والرباط في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وكما أرادت الرباط، تقول المصادر نفسها، فإن الاتفاقية الجديدة التي تم توقيعها في 23 مارس/آذار 2022 تخص الاستثمار في الطيران المدني فقط دون العسكري، أي أن جزءاً من الصناعة الإسرائيلية للطائرات المدنية سيكون في المغرب.
يقول محمد شقير، الباحث في الشؤون العسكرية، في تصريح لـ"عربي بوست" إنه "وبالرغم من وجود اتفاق تعاون لإنشاء بنية صناعية عسكرية، إلا أن هذه الاتفاقات تتطلب وقتاً وتريثاً وتفاهمات طويلة ومعقدة، وهذا ما يجد تفسيره في حرص الجانب المغربي على الحديث عن الشق المدني فقط.
تصنيع الطائرات المدنية الإسرائيلية في المغرب
قالت مصادر "عربي بوست" إن شركة الصناعات الفضائية ستنشئ بموجب هذا الاتفاق شركة في مجال الطيران بشراكة مع المغرب، تعنى بالصناعات المدنية، وستكون في المنطقة الجوية في مدينة النواصر نواحي مدينة الدار البيضاء.
وتابعت المصادر أن مجال التعاون المتفق عليه مستويان، الأول بحثي، مرتبط بإحداث مركزٍ للبحث والتطوير والهندسة، تتجلى وظيفته في تطوير العلاقات مع شركات الطيران العاملة في المغرب، لدراسة حاجياته وتلبيتها من خلال إبرام اتفاقيات توريد من الشركة الإسرائيلية.
وأفادت أن المستوى الثاني عملي، حيث يقوم على تصنيع التصميمات الداخلية لمقصورات الطائرات، وكذا صناعة أجزاء المحركات وهياكل الطائرات، كما يقوم على توريد تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد.
من جانبه أكد الباحث في الشؤون العسكرية محمد شقير، أن انتقال إسرائيل إلى الاستثمار في مجال صناعة الطيران في المغرب، يمكن إرجاعه إلى الخوف من المنافسة في مجال الطائرات بدون طيار التركية، غير أن هناك فروقاً بين علاقة الرباط مع إسرائيل وتركيا في هذا المجال.
وأفاد محمد شقير، في تصريح لـ"عربي بوست" أن المغرب يقتني سلاحاً من تركيا، كما من غيرها، لكنه في علاقة مع إسرائيل فالمغرب يقتني تكنولوجيا، فالتعاون العسكري المغربي له خلفية صناعية عسكرية، وليس فقط شراء أسلحة.
وشدد شقير على أن قيام إسرائيل باستثمارات في المغرب في هذا المجال راجع لكونها تحتاج موقع المغرب الجغرافي، كما تريد الاستفادة من موضوع الجيوسياسي كبوابة ومنصة تُيسر ولوجها إلى أسواق غرب إفريقيا.
في المقابل، وعن أسباب تريث الرباط في قبول العرض، يقول المتحدث إنها لا تُريد أن تُقفل عليها باقي أسواق السلاح التي تستورد منهم في العالم مثل تركيا، وأن تحصر نفسها في الاستثمار الإسرائيلي فقط.
وأشار المتحدث إلى أن الأهم من كل هذا هو التعاون لحصار التمدد الإيراني، خاصة أنها وجدت إفريقيا فضاءات للتوسع والاستقطاب، بما تمثله إيران من مخاطر على الأمن الإسرائيلي.
أين التعاون العسكري؟
حضور شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية، فتح الباب أمام الأسئلة عن الشق العسكري من الاتفاق، خاصة أن هذه الشركة هي منتجة طائرات درون الانتحارية "هاروب"، ونظام الدفاع الجوي "برق8″، اللذين اتفق المغرب مع إسرائيل على شرائهما.
هذا السؤال نقلته "عربي بوست" إلى مصادر عسكرية قريبة من الملف، التي أكدت أن التعاون العسكري بين الرباط وإسرائيل مستمر، وأن الاتفاق الجديد يُعد تحولاً مهماً في طبيعة التعاون المغربي ـ الإسرائيلي في مجال الصناعات الدفاعية، لأن الطرفين سبق أن اتفقا على "بيع ـ شراء" أنظمة دفاع جوي وطائرات بدون طيار للرباط.
وزادت المصادر أن التحول هو قيام إسرائيل بالاستثمار في قطاع صناعة الطيران المغربي، وهذا التحول هو الخوف من المنافسة الشرسة في قطاع الصناعات الفضائية.
وتابعت المصادر أن التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل تضمن "اقتناء"، غير أننا اليوم أمام عملية استثمار أموال وتكنولوجيا وخبراء في المغرب في مجال صناعة الطائرات.
أهم أسباب التحول الإسرائيلي، تقول مصادر "عربي بوست" يكمن في مخاوف من المنافسة التركية، التي أظهرت نجاعة كبيرة في مجال الطائرات بدون طيار، في عدد من مناطق النزاع، بما فيها الصحراء.
يقول الباحث العسكري محمد شقير في تصريح لـ"عربي بوست" إن "الاتفاق بين المغرب وإسرائيل للاستثمار في الطيران المدني، يعني بشكل مباشر توفير البنية التحتية للصناعة العسكرية، فالتوفر على هذه البنية ضروري للانتقال لمجال الصناعة".
واعتبر شقير أن اكتفاء الوزير بالحديث عن الشق المدني في التعاون، يثبت أن المجال العسكري ليس من اختصاصه، فهو وزير مدني لحكومة مدنية، وأيضاً يعكس أن المجال العسكري محاط بسرية كبيرة في جميع البلدان.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”