قررت دول الاتحاد الأوروبي، الجمعة 25 مارس/آذار 2022، منح المفوضية الأوروبية تفويضاً لشراء الغاز بشكل مشترك، على غرار طلبيات اللقاحات المضادة لكوفيد، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن مطالبة بوتين بدفع ثمن شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بالروبل وليس بالدولار أو اليورو "غير ممكن" و"لا تنص عليه العقود".
الدول الـ27 والمفوضية ستعمل وفقاً لما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية "معاً بشكل عاجل على الشراء الطوعي للغاز والغاز الطبيعي المسال والهيدروجين"، عبر استغلال الثقل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي من أجل الاستفادة من أسعار مواتية، وفقاً لما جاء في مقررات قمة بروكسل.
وفي مؤتمر صحفي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إن "الشراء المشترك والقدرة على أن نبرم عقوداً طويلة معاً هو الوسيلة الفضلى لخفض الأسعار".
من جهته قال المستشار الألماني أولاف شولتز "اتفقنا على أن هذه فرصة للتعاون بشكل طوعي لشراء الغاز". وأوضح "بالطبع عندما ننظر إلى حالات محددة، يمكن أن يكون الأمر معقداً، لا بل معقداً جداً، لأن هناك شركات خاصة في كل أنحاء أوروبا" ملتزمة بعقود و"تشتري الغاز على اسمها وهي تنوي الاستمرار" في ذلك.
ورداً على سؤال وجه للرئيس الفرنسي إثر القمة الأوروبية في بروكسل، قال ماكرون إن الطلب الروسي "لا يتماشى مع ما تم التوقيع عليه، ولا أرى سبباً لنطبقه". وأضاف "نواصل عملنا التحليلي"، لكن "جميع النصوص الموقعة واضحة: هذا محظور؛ لذا يتعين على الفاعلين الأوروبيين الذين يشترون الغاز ويتواجدون على الأراضي الأوروبية أن يدفعوا باليورو".
كما شدد إيمانويل ماكرون على أنه "من غير الممكن القيام بما هو مطلوب، وهو أمر لا تنص عليه العقود"، معتبراً أن موسكو تسعى بهذا المطلب إلى إنشاء "آلية التفاف" على العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها الأوروبيون في أعقاب غزو أوكرانيا.
البحث عن بديل للغاز الروسي
وحرصاً منها على عزل موسكو وحرمانها من مصادر الدخل بعد غزوها لأوكرانيا، تريد بروكسل خفض مشترياتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام.
ومن خلال طلبيات الغاز المشتركة هذه، تعتزم بروكسل أيضاً تسهيل الاتصالات مع المُوَرّدين الدوليين من أجل تنويع مصادر التزويد.
فيما باشرت المفوضية التفاوض مع الدول المنتجة الرئيسية (النرويج وقطر والجزائر)، وأعلنت الجمعة عن اتفاق مع الولايات المتحدة لزيادة شحناتها من الغاز الطبيعي المسال.
وستكون منصة الشراء المشتركة للاتحاد الأوروبي "مفتوحة لدول غرب البلقان" وكذلك للدول الثلاث المرتبطة بالاتحاد الأوروبي من خلال اتفاقيات الشراكة (مولدافيا وأوكرانيا وجورجيا)، بحسب مقررات القمة.
انقسامات في أوروبا
في المقابل، أظهر الأوروبيون انقساماتهم بشأن مقترحات المفوضية للحد من ارتفاع أسعار الطاقة. وتؤيد البرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان وبلجيكا وفرنسا تحديد سقف لهذه الأسعار، وتدعو إلى إصلاح سوق الكهرباء الأوروبية، بينما تُفضّل دول عدة أخرى (ألمانيا، النمسا، هولندا، الدنمارك، وغيرها) الاعتماد على المنافسة الحرة وغيرها من التدابير.
إذ قال شولتز إثر القمة إن "ألمانيا ودولاً أخرى لا تزال متشككة للغاية لناحية" فاعلية أي تدخل في السوق، مضيفاً "نحن نخاطر بتعريض إمداداتنا للخطر دون أن يكون لذلك تأثير دائم على الأسعار".
فيما قال نظيره الهولندي مارك روته إن السوق الأوروبية "معقدة وتغطي آلاف العقود و(تضم) مئات اللاعبين، مع وجود اختلافات كبيرة بين المناطق".
ورغم هذه الاختلافات وافق الاتحاد الأوروبي، الجمعة، على منح نظام استثناء لإسبانيا والبرتغال، اللتين سُمح لهما بخفض سعر الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، لأن البلدين يعانيان ضعفاً في الترابط مع بقية القارة.