قال موقع Intelligence Online الفرنسي، المتخصص في شؤون الاستخبارات، الخميس 24 مارس/آذار 2022، إن هناك خلافات واسعة بين السعودية وسلطنة عمان بشأن إمدادات أسلحة إيرانية كانت في طريقها لجماعة الحوثي اليمنية التي تشن من وقت لآخر، هجمات على المملكة.
حيث أدى ضبط شحنة جديدة من صواريخ كورنيت المضادة للدبابات والمدرعات، في 10 مارس/آذار 2022، على معبر شحن بمحافظة المهرة اليمنية المتاخمة لسلطنة عمان إلى توتر العلاقات بين رئاسة المخابرات العامة السعودية والمكتب السلطاني العماني، المسؤول عن الشؤون الأمنية والاستخباراتية.
فيما استُدعي رئيس المخابرات العماني، محمد النعماني، الذي كان قد تعهد لنظيره السعودي، خالد بن علي الحميدان، بتعزيز مراقبة الحدود؛ من أجل إحباط عمليات تسليم الأسلحة، إلى الرياض لتقديم تفسيرات، وفقاً للموقع الاستخباراتي.
الجمارك اليمنية أسفل النيران
كانت الجمارك اليمنية– التابعة للحكومة المعترف بها دولياً في عدن- هي التي ضبطت شحنة الصواريخ الجديدة التي وصلت من ميناء صلالة بمحافظة ظفار العمانية.
شحنة الصواريخ الجديدة اعتبرت دليلاً دامغاً على استمرار "انتهاك إيران حظر الأسلحة الشامل الذي فرضه مجلس الأمن الدولي في 28 فبراير/شباط الماضي".
كما أن تلك الشحنة تعد الأولى من نوعها منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي.
على أثر ذلك، استجوب مسؤولو المخابرات العامة مدير موقع الجمارك اليمني، سالم عقيل، الذي قال إنه فتح الحاويات التي كان من المفترض أن تحتوي على مولدات كهربائية، لكن اكتشف بداخلها أسلحة يُعتقَد أنها مُوجَّهة للمتمردين الحوثيين الموالين لإيران في محافظتي صنعاء وصعدة.
بينما لم يقتصر الأمر على إرسال نتائج تحقيقه إلى المكتب السلطاني فحسب، بل طالب الحميدان أيضاً النعماني بالكشف عن الثغرات في جهاز مخابرات الحدود التابع له، والتي أدت إلى استمرار عمليات نقل الأسلحة.
في حين لم يكن بوسع المسؤول عن الاستخبارات العمانية إلا اقتراح إجراء تحقيق لتحديد المسؤول عن تلك الواقعة.
بحسب موقع Intelligence Online الفرنسي، ترى الرياض أنَّ النعماني، على ما يبدو، يخالف صفقة اتُّفِق عليها في يوليو/تموز الماضي 2021، بمناسبة الزيارة الأولى للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، للمملكة العربية السعودية.
إذ تعتقد المخابرات العامة السعودية أنَّ "جهاز أمن الدولة العماني، الذي يدير عمليات التجسس المضاد ومكافحة الإرهاب بقيادة النعماني، لايزال مخترقاً من أعضاء الحرس الثوري الإيراني؛ مما يحد من قدرته- أو حتى إرادته- على تقليص إمدادات الأسلحة عبر الحدود"، وفق المصدر ذاته.
تعزيزات عسكرية سعودية
فيما أكدت مصادر لموقع Intelligence Online، أن المهربين العمانيين واليمنيين المخضرمين، يستغلون- لاسيما الممولين من رجل الأعمال الحوثي سعيد الجمل- الحدود المليئة بالثغرات لمتابعة عمليات نقل الأسلحة المربحة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعزّز فيه الرياض، التي تدرك تماماً أوجه القصور الأمنية في عُمان، وجودها العسكري في بؤر التهريب الساخنة بمحافظة المهرة، لاسيما في الموانئ ومدينة الغيضة.
لكن هذا لا يفعل الكثير لعرقلة شبكات التهريب المنتشرة على طول 228 كيلومتراً من الحدود بين عمان واليمن.
حرب مأساوية
جدير بالذكر أن اليمن يعاني منذ نحو 7 سنوات، حرباً مستمرة بين القوات الحكومية وقوات جماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال)، منذ عام 2014.
تلك الحرب أودت بحياة أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وبات أكثر من 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، وفق الأمم المتحدة.
لهذا النزاع المتواصل امتدادات إقليمية منذ مارس/آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.
أيضاً أدت هذه الحرب المأساوية إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
كانت العملة اليمنية شهدت هبوطاً حاداً لتصل إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار في تعاملات سوق الصرف غير الرسمية بمدينة عدن الساحلية وجنوب البلاد، مسجلةً 1700 للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخ البلاد.