علم "عربي بوست" من مصادر مطلعة أن وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، سيقوم بجولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشمل ثلاث دول هي إسرائيل والمغرب والجزائر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن المحاور التي سيناقشها وزير الخارجية الأمريكي في تل أبيب ستتعلق بمستجدات مفاوضات الملف النووي الإيراني، وحرب روسيا على أوكرانيا، بينما يناقش بعمق ملف نزاع الصحراء والغاز في الجارتين المغرب والجزائر.
ووصفت مصادر مغربية زيارة بلينكن المقبلة للرباط بـ"المفاجئة"، وأيضاً بـ"المتفهمة"، في ظل التحولات الجارية على مستوى العالم، خاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وآثارها الإنسانية، والاجتماعية، والاقتصادية.
وكانت نائبة بلينكن، ويندي شارمان، قد زارت الرباط والجزائر قبل أسبوعين ومهّدت لزيارة رئيس الدبلوماسية الأمريكية للمنطقة.
وتعرف منطقة شمال إفريقيا توتراً كبيراً بسبب تغيير إسبانيا موقفها من نزاع الصحراء، إذ أصبحت تدعم مقترح المغرب، المتعلق بمنح الصحراويين حكماً ذاتياً تحت سيادتها، بعدما كانت تؤيد الحل الأممي.
وسحبت الجزائر سفيرها من مدريد كرد فعل على تغير الموقف الإسباني، مع توقعات بتصعيد أكبر خلال الأسابيع القادمة.
زيارة بلينكن وملف الصحراء
كشفت مصادر "عربي بوست" أن ملف نزاع الصحراء سيكون حاضراً بقوة على طاولة النقاش خلال زيارة بلينكن لكل من الرباط والجزائر.
مقابل ذلك، قالت مصادر "عربي بوست" في الرباط، إن زيارة بلينكن تأتي في سياق دعم التفاهم بين الرباط ومدريد حول الصحراء، خاصة والرباط تنظر للتحول التاريخي في الموقف الإسباني كنتيجة مباشرة لهذا التجاوب الأمريكي مع المطالب المغربية.
ورغم أن الولايات المتحدة في ظل حكم الديمقراطيين لا تزال حذرة في تعاملها مع النزاع على عكس الجمهوريين الذين قرروا بزعامة ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، مقابل تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية، فإن بلينكن كان قد أبدى دعم واشنطن لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط في 2007، معتبراً إياه مقترحاً جاداً وجديراً بالثقة.
وانضمت إسبانيا المعروفة بحيادها في الملف بالنظر إلى مسؤوليتها التاريخية في خلق النزاع، باعتباره المستعمر السابق للإقليم إلى الولايات المتحدة، ودعمت بدورها مقترح الحكم الذاتي، وهو ما أغضب الجزائر، التي قررت كخطوة أولى سحب سفيرها من مدريد، ورفع أسعار الغاز وفق ما أوردته صحيفة ألموندو الإسبانية.
ملف الغاز
سبق للجزائر أن رفضت طلباً أمريكياً قدَّمته نائبة وزير الخارجية ويندي شارمان، لإعادة تشغيل أنبوب الغاز المغاربي-الأوربي لزيادة الضخ باتجاه أوروبا، في إطار خطة غربية للتقليل من الاعتماد على الغاز القادم من روسيا، وذلك وفق ما كشف عنه "عربي بوست" في خبر حصري قبل أسبوع.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة قررت زيادة الضغط على الجزائر من أجل إعادة تشغيل الأنبوب المار عبر حليفها المغرب، لكن هذه المرة عبر شخصية أكثر ثقلاً تتمثل في وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
ورغم أن الجزائر ترفض هذا الطلب جملة وتفصيلاً، فإن الوضع الذي يعيشه العالم والمنطقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا سيجعلها على الأقل تعيد التفكير في الطلب الأمريكي.
ولا يمكن فصل التحول الإسباني في ملف الصحراء عن الضغوطات الأمريكية لإعادة تشغيل الأنبوب المغاربي-الأوروبي، إذا يبدو أن هناك تنسيقاً أمريكياً إسبانيا كبيراً في الملف، لاسيما أن وزير خارجية إسبانيا زار مؤخراً واشنطن واجتمع ببلينكن.
مصادر من المغرب قالت إن "الرباط لا مشكلة لديها في استئناف تصدير الغاز عن طريق أنبوب المغرب العربي، الذي يمر من الجزائر إلى إسبانيا عبر 500 كيلومتر في التراب المغربي".
استياء أمريكي
أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده تراقب العالم ومواقفه من الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن غير الطبيعي ألا تكون واشنطن قد سجلت تخلف حليفها الأول في منطقة شمال إفريقيا عن دعم موقفها في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث اتخذت الرباط موقفاً غير مسبوق، إذ غابت عن جلسة التصويت.
وتحشد الولايات المتحدة حلفاءها في العالم لخنق روسيا، ولم تتوقع خذلاناً من الرباط التي دعمتها في ملف الصحراء، ووافقت مؤخراً على بيعها منظومة الدفاع الشهيرة باتريوت.
ويتوقع أن يعبر بلينكن لنظرائه في المغرب عن استياء واشنطن من الموقف غير الواضح تجاه حرب روسيا وأوكرانيا.
تقول المصادر إن الرباط تريد تفعيل الاتفاق مع واشنطن بشأن افتتاح قنصلية في مدينة الداخلة، وتنفيذ استثمارات بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار، كان الجانبان قد اتفقا عليها عشية الاتفاق الثلاثي، في ديسمبر/كانون الأول 2020.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”