أعلنت جمعية القضاة في تونس، السبت 12 مارس/آذار 2022، رفضها التعامل مع المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، معتبرة إياه "غير شرعي"، وسط أزمة سياسية واقتصادية خانقة تمر بها البلاد.
فيما حمّلت الجمعية (غير حكومية)، في بيان، أعضاء هذا المجلس الجديد "المسؤولية الكاملة لقبولهم الانخراط في تركيز هذا الجهاز التابع للسلطة التنفيذية".
بينما دعا البيان "عموم القضاة إلى التمسك بأداء وظائفهم القضائية باستقلالية ونزاهة وحياد وعدم الاحتكام في قضائهم إلا لضمائرهم والقانون وألا يقبلوا أية تعليمات أو توجيهات، لا من المجلس المنصّب ولا من رئاسة الحكومة ولا من وزارة العدل ولا أي جهة أخرى".
مواصلة الاحتجاجات
كما شدّدت الجمعية على "مواصلة التحركات في سياق التصدي للمخاطر المحدقة بوجود السلطة القضائية واستقلالها، عبر تنظيم الوقفات الاحتجاجية والندوات الصحفية والعلمية والاجتماعات الدورية للقضاة وغيرها من التحركات".
كان أعضاء مجالس القضاء المؤقتة في تونس (عدلي وإداري ومالي) قد أدوا اليمين، الإثنين 7 مارس/آذار 2022، أمام رئيس البلاد قيس سعيد، بموجب مرسوم رئاسي صدر في فبراير/شباط المنصرم، لتحل محل المجلس الأعلى للقضاء (هيئة دستورية مستقلة).
السيطرة على القضاء
كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، حل المجلس الأعلى للقضاء بشكل رسمي، ما أثار احتجاجات ورفضاً من هيئات قضائية وقوى سياسية عديدة، فيما عبَّرت جهات دولية عن بالغ قلقها جرّاء تلك الخطوة التي يرى البعض أنها تؤذن ببدء صراع جديد حول سعي الرئيس للاستئثار بالسلطة منفرداً.
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وهو إحدى الهيئات الحكومية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل باستقلالية عن الرئيس.
كان المجلس الأعلى للقضاء قد أعلن، في بيان أصدره قبل أيام، رفض حله في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك، بجانب رفض العديد من الهيئات القضائية والأحزاب السياسية، حل المجلس.
يُشار إلى أن المواد بين 112 و117 من الدستور تنص على مهام المجلس وصلاحياته ومكوناته وطرق انتخاب أعضائه وتعيينهم. وأُجريت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
في أكثر من مناسبة، انتقد سعيّد ما قال إنه طول مدة التقاضي في بعض القضايا، واتهم المجلس بأن الترقيات فيه تتم "بناءً على الولاءات".
يأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه معارضون سعيّد بمحاولة السيطرة على القضاء بعد أن جمع بقية السلطات في يده، وهو ما ينفيه.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس أعلنت رفضها لهذه الإجراءات، واعتبرتها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.