تعمل شبكة من المحامين وشركات العلاقات العامة على حماية ثروات المليارديرات الروس في بريطانيا، والتي فرضت عقوبات على روسيا بسبب الهجوم الواسع الذي تشنه على أوكرانيا منذ يوم 24 فبراير/شباط 2022.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت الأحد 6 مارس/آذار 2022، إنه على مر السنوات الماضية، كثيراً ما ظهر اسم أليستير تولوش أو عنوان شركته للمحاماة في وثائق السجلات المالية لشركات الاستثمار الروسية، وأملاك فاحشي الثراء الروس، وحتى الحيازات التابعة لمسؤولين من النخبة المقربة للكرملين.
أشارت الصحيفة إلى أن تولوش هو أحد أوثق المحامين علاقةً بنخبة فاحشي الثراء الروس في بريطانيا.
كان تحقيق أجراه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، واستند فيه إلى "وثائق باندورا" المسربة، كشف أن مكتب تولوش للمحاماة ساعد نائب وزير المالية الروسي السابق أندري فافيلوف، والمصرفي الروسي فيتالي زوغين، في إدارة شركات تابعة لهما، في ملاذات ضريبية خارج الحدود.
علاوة على ذلك، تشير سجلات ملكية شركة "دي إس تي غلوبال" ووثائق الإيداعات المالية، إلى وجود صلات لها بسياسيين آخرين سابقين في الكرملين ورجال أعمال روس، منهم إيغور شوفالوف، نائب رئيس الوزراء الروسي السابق، الذي فرضت عليه الحكومة البريطانية عقوبات الأسبوع الماضي لعلاقته بالكرملين.
يتولى تولوش أيضاً الوصاية على مؤسسات خيرية عديدة تابعة لأثرياء روس، ومن بينها "مؤسسة ماموت" الخيرية، المرتبطة بالملياردير الروسي ألكسندر ماموت الذي يتخذ من موسكو مقراً لإدارة أعماله.
بحسب الصحيفة البريطانية، ففي العام 2014 طرد ماموت الصحفيةَ الروسية غالينا تيمتشينكو، محررة موقعه الإخباري الروسي Lenta.ru، لأنها نشرت مقابلة أُجريت مع قومي أوكراني يميني متطرف، واستبدل مكانها صحفياً موالياً للكرملين.
يقول تولوش: "نحن نلتزم التزاماً تاماً بلوائح المملكة المتحدة. وبطبيعة الحال، فإننا في ظل الظروف الحالية ندقق تدقيقاً شديداً فيما يخص التعامل مع الأشخاص من روسيا، ونتوخى التحري بعدلٍ عن كل شخص نتعامل معه".
علاقات مع النخبة الروسية
تقول صحيفة The Guadian إن الانتقادات لروابط بريطانيا بالنخبة الروسية، تزعم أن لوائح المملكة المتحدة كانت شديدة التساهل، لأن السياسيين البريطانيين لطالما أحجموا عن أي شيء قد يعوِّق العلاقات والروابط التي نشأت مع روسيا.
نتيجة لذلك فإن عاصمة بريطانيا، لندن، التي أطلق عليها بعض المنتقدين اسم "لندنغراد" لفرط علاقاتها مع روسيا، أصبحت بؤرة للأموال الروسية، ومركزاً لتقديم خدمات المحاماة والعلاقات العامة وغيرهما من الخدمات لنخبة الأثرياء الروسية.
في حفلة أقامها حزب المحافظين في يونيو/حزيران 2013، كُشف أن شركة العلاقات العامة "نيوسنشري ميديا" التي تتخذ من لندن مقراً لها، دعت إلى الحفلة شخصيتين مقربتين من النخبة الحاكمة الروسية، هما فاسيلي شستاكوف، النائب في مجلس الدوما الروسي وصديق فلاديمير بوتين، وأندريه كليامكو، الملياردير الروسي.
التقطت صورٌ لكلا الرجلين مع رئيس الوزراء بريطانيا آنذاك ديفيد كاميرون، بحسب الصحيفة البريطانية.
متحدث باسم شركة "نيوسنشري ميديا"، قال إن الشركة "تستنكر استنكاراً صريحاً العمل العسكري في أوكرانيا. والشركة ليست متعاقدة مع أي ملياردير روسي أو شركات روسية مملوكة للدولة. ولم نعمل قط مع أي أفراد خاضعين لعقوبات رسمية".
كذلك تأتي شركة الخدمات "كوينتيسنشيالي" في بريطانيا من بين الشركات الأخرى التي استفادت من صلات لها بالنخب الروسية، وقد شارك في تأسيس الشركة بن إليوت، زعيم حزب المحافظين البريطاني.
علاقات مع بنوك
كانت وثائق مسربة قد كشفت أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أن بنكاً له صلات وثيقة بالكرملين استثمر مبلغ 185 مليون دولار في شراء أسهم بشركة تويتر.
كشفت الوثائق المسربة وقتها أن شركة الاستثمار "دي إس تي غلوبال"، التي أسسها الملياردير الروسي المولد يوري ميلنر، استحوذت على تلك الأسهم بتمويل من بنك "في تي بي" الذي يسيطر عليه الكرملين الروسي، ويخضع الآن لعقوبات في المملكة المتحدة.
قال ميلنر في ذلك الوقت إن "الزعم بأن استثمار شركته الذي يعود إلى مايو/أيار 2011 ربما استُخدم لفرض نوعٍ من النفوذ على وسيلة التواصل الاجتماعي (تويتر) نيابةً عن روسيا، ليس إلا قصة خيالية"، وأضاف أن شركته كانت "مستثمراً سلبياً" ليست معنية بالمشاركة يوماً بيوم في إدارة الشركات التي تستثمر فيها.
بدورها، قالت شركة "دي إس تي غلوبال" إن شركتها الدولية الأم، التي لها مكاتب في لندن ونيويورك وبكين، لم تجمع رؤوس أموال استثمارية من شركات روسية محدودة (limited partners) منذ عام 2011.
يُشار إلى أن الهجوم الروسي على أوكرانيا أثار استنكاراً من كل أنحاء العالم تقريباً بما في ذلك بريطانيا، ودفع أكثر من 1.5 مليون أوكراني للفرار من البلاد، كما دفع الغرب إلى فرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا بهدف شل اقتصادها.