أعادت مكتبة الموصل المركزية في العراق فتح أبوابها مرة أخرى أمام الجمهور بعد سنوات من الترميم والإصلاحات لعلاجها من آثار هجوم شنه تنظيم الدولة الإسلامية على المبنى في عام 2016، وذلك في إحياءٍ تقول المدينة إنه من الضروري أن يكون نموذجاً لبقية البلاد، طبقاً لما أوردته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 21 فبراير/شباط 2022.
فيما استغرقت عملية تجديد المكتبة، التي كانت يوماً واحدة من أعرق مكتبات الشرق الأوسط، عامين في إطار خطة إعادة إعمار للجامعة استلزمت حتى الآن إزالة أو تفجير بقايا 3000 قنبلة و200 صاروخ.
كانت المكتبة العريقة بجامعة الموصل، والتي كانت تحتوي على مخطوطات نادرة وسجلات حكومية تعود للعصر العثماني، تعرضت للضرب بسبعة صواريخ أطلقها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في معاونته للجيش العراقي على استرداد المدينة، ثم أحرقها تنظيم "داعش"، ودمر كل ما تبقى من مجموعتها المكونة من مليون كتاب.
تخريب ودمار هائل
في حين وصفت اليونسكو هذا الدمار بأنه أحد أكثر أعمال التخريب المدمرة لمقتنيات مكتبة في تاريخ البشرية، وأصبحت بقاياها السوداء المتفحمة رمزاً يدل على حجم الدمار بالموصل.
آنذاك، وعقب تضرر أساسات المكتبة، كان يُخشى الاضطرار إلى إعادة بنائها من الصفر، لكن فريقاً يشرف عليه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تمكن من استخدام الأعمدة المتبقية كأساسات.
بينما يضم المبنى الجديد مجموعة مكونة من 60 ألف كتاب فقط حتى الآن، وفرت ثلثها مؤسسة Book Aid الخيرية البريطانية.
كما يمكن للمكتبة الآن تخزين ما يصل إلى مئة ألف كتاب، وتتسع حالياً لنحو ألف طالب في وقت واحد.
حفل إعادة الافتتاح
من جهته، قال علاء حمدون، أستاذ الفيزياء الموصلي وصاحب مبادرة Mosul Book Bridge لجمع التبرعات من مختلف أنحاء العالم، إن هدفه إعادة 200 ألف كتاب إلى الرفوف بنهاية عام 2024.
حمدون أشار إلى أن حفل إعادة الافتتاح الذي أقيم يوم السبت 19 فبراير/شباط، والذي ضم فقرات شعر وغناء وتمثيل درامي لمذبحة داعش، كان لحظة مؤثرة، متابعاً: "منارة المعرفة أضاءت من جديد. الإرهابيون حاولوا إطفاءها، لكننا أَنَرناها مرة أخرى للجميع".
أضاف: "حين عدت إلى الجامعة عام 2017 بعد تحريرها، وقفت على الدرج وبكيت. وأثناء حديثي في معرض لندن للكتاب عام 2019، قلت إن حلمي أن أقف هناك مرة أخرى وأراها مفتوحة. وها هو حلمي يتحقق".
بدورها، قالت أليسون تويد، مديرة منظمة Book Aid: "الأماكن التي تعرضت لهجوم مباشر على ثقافتها مثل الموصل ليست كثيرة، ونشعر بفخر شديد لأننا ساهمنا بدور محدود في استعادة مجموعة الكتب التي دُمرِّت".
وعلى مدى السنوات، تطوع العديد من سكان المدينة للمساعدة في إعادة المكتبة للعمل، حيث ساعدوا في عمليات الترميم والإصلاح التي تولاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع منظمات أخرى.
كذلك، أطلق متطوعون حملة دولية لجمع الكتب؛ لتعويض مئات الآلاف من الكتب المفقودة والمحروقة بسبب ما عانت منه المكتبة وقت المعارك. في غضون ذلك، أكد متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي نسق التمويل للمشروع، أن استكماله "يُظهر قوة ومرونة المدينة".