كشفت وكالة "Associated Press" الأمريكية، السبت 19 فبراير/شباط 2022، أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تعمل على وضع أُسس إطلاق سراح سجناء من معتقل غوانتانامو سيئ السمعة، في خطوة تقترب أكثر من إغلاقه.
تحتجز الولايات المتحدة 39 سجيناً إلى أجل غير مسمى من دون تهمة، في هذه القاعدة الأمريكية في كوبان، فيما أُطلق سراح سجين واحد فقط خلال العام الماضي، ما أثار انتقادات من جماعات حقوقية، التي طالبت بإغلاق المعتقل، واتَّهمت واشنطن بالإساءة للسجناء وتعذيبهم.
خطة إغلاق معتقل غوانتانامو
حسب وكالة "أسوشيتد برس" فإن مجلساً يضم مسؤولين عسكريين واستخباراتيين يعتزم إطلاق سراح أكثر من نصف المحتجزين في معتقل غوانتانامو، إذ سيتم إرسالهم إلى أوطانهم، في وقت تواجه فيه الإدارة دعوات من جماعات حقوق الإنسان، لبذل مزيد من الجهد لإغلاق المعتقل.
لكن لا يعني إطلاق سراح المعتقلين إغلاق غوانتانامو الآن، إذ يوجد فقط 20 سجيناً من المؤهلين للإفراج عنهم أو نقلهم، بعد أن إدانتهم لجنة عسكرية في "صفقة إقرار بالذنب"، ويتم البحث عن دول مستعدة لقبول بعض هؤلاء السجناء وفرض ضوابط أمنية عليهم.
حتى مع عدم إغلاق هذا المعتقل، تعني مثل هذه الإجراءات الاقتراب أكثر من إغلاقه، فيما لا يزال هناك 10 أشخاص بانتظار المحاكمة أمام لجنة عسكرية، ومن بينهم خمسة متهمين بالتخطيط والمساعدة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
إذ قال تود بريسيلي، نائب المتحدث باسم البنتاغون، إن إدارة بايدن تريد "عملية مدروسة وشاملة، تركز على تقليص عدد المحتجزين بشكل مسؤول وإغلاق معتقل غوانتانامو". وأضاف: "إن من بين العوامل التي يأخذونها في الاعتبار أعمار المعتقلين وصحتهم".
بينما ينتقد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، التوجهات لإغلاق غوانتانامو، معتبراً أنه مكان "آمن للغاية وإنساني وقانوني لاحتجاز الإرهابيين.
"وصمة عار" لأمريكا
فتحت الولايات المتحدة معتقل غوانتانامو في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، في يناير/كانون الثاني 2002، حيث يتم احتجاز واستجواب السجناء المشتبه بصلتهم بتنظيم القاعدة وحتى طالبان.
بلغ عدد المعتقلين في غوانتانامو في ذروته 780 سجيناً، ولكن لم يتهم سوى القليل منهم بارتكاب جرائم. وعلى مدار السنوات الماضية ظهرت تقارير عن تعذيب وسوء معاملة للسجناء، فيما أطلق سراح 532 معتقلاً منهم في عهد بوش الابن.
فيما تعهّد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، بإغلاق معتقل غوانتانامو عندما تولى منصبه، لكن أعضاء في الكونغرس الأمريكي عارضوا فكرة نقل السجناء للولايات المتحدة، وغادر في عهده 197 سجيناً.
بينما في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أطلق سراح سجين واحد، ومنذ تسلم بايدن لم يغادر سوى سجين واحد أيضاً، ولكن تمت تبرئة 15 شخصاً.
في يناير/كانون الثاني الماضي، أحيت جماعات حقوق الإنسان الذكرى العشرين لافتتاح معتقل غوانتانامو، حيث وجهت انتقادات للإدارات الأمريكية المتعاقبة على فشلها في إغلاق المعتقل، إضافة إلى ظروف عيش السجناء، خاصة مع شهدات بعض المعتقلين السابقين عن الظروف الصعبة التي مروا بها في غوانتانامو.
مهمة بايدن معقدة
يرى مراقبون أن مهمة إدارة بايدن من أجل إغلاق هذا المعتقل لن تكون سهلة، في ظل الانقسام للواقع على المستوى المحلي، كما أن "تكلفته السياسية قد تكون باهظة"؛ لارتباطها بأحداث "إرهابية".
لكن من غير المرجح أن تسدل المبادرة الستار قريباً على قصة المنشأة التي تخضع لحراسة مشددة في قاعدة غوانتانامو البحرية، التي تم تجهيزها لإيواء المشتبه بهم الأجانب، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، على نيويورك وواشنطن، وتحولت إلى رمز للتجاوزات الأمريكية في "الحرب على الإرهاب".
مع ذلك، فقد يتمثل التأثير الفوري للخطوة في العودة، بشكل ما، إلى سياسة إغلاق معتقل غوانتانامو، للرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي تَراجَع عنها دونالد ترامب بمجرد توليه الرئاسة في عام 2017.
إذ قال موقع صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نُشر الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن خبر فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية منح 40 سجيناً في سجن غوانتانامو بصيصاً من الأمل، بأن مدتهم الطويلة في ذلك المعتقل ربما قد شارفت على الانتهاء.
من هؤلاء المعتقلين الأربعين، اليمني خالد قاسم، الذي اعتُقل من أفغانستان في 2001، والذي قال في تصريحٍ عبر الهاتف لمحاميه: "أظن أنه لا بأس من الشعور بالسعادة بنتيجة الانتخابات، لكن في الوقت نفسه لا يعني هذا أنني أنتظر من بايدن أن يقول في يومه الأول: (لنطلق سراح خالد)".