قضت محكمة هندية في ولاية كارناتاكا الجنوبية بمنع ارتداء الحجاب "مبدئياً" في الفصول الدراسية، في انتظار البت في حكم نهائي بشأن ما إذا كان يمكن للمدارس هناك حظر الحجاب الإسلامي، في قضيةٌ أثارت احتجاجاتٍ وعنفاً استمرَّ لأسابيع، وقادت السلطات لإغلاق المدارس في جميع أنحاء الولاية.
صحيفة New York Times الأمريكية قالت إن المنظمات الطلابية الإسلامية ردت باستياء على البيان الصادر في وقت متأخر من الخميس، 10 فبراير/شباط، عن محكمة كارناتاكا العليا في بنغالور، عاصمة الولاية وقالت إحدى هذه المنظمات الإسلامية إنه طُلِبَ من الطلاب "تعليق عقيدتهم".
يأتي هذا في وقت أصبح حظر ارتداء الحجاب، الذي فرضته مدرسة للفتيات في مدينة أودوبي، نقطة اشتعال للمعركة حول حقوق الأقليات في الهند، وفي يناير/كانون الثاني قدَّمَ آباء لخمس طالبات التماساً إلى المحكمة لإلغاء الحظر، بحجة أنه ينتهك حق الفتيات في التعليم وممارسة شعائرهن الدينية بحرية.
ضغوط على ارتداء الحجاب في الهند
كما أصدرت حكومة ولاية كارناتاكا الأسبوع الماضي أمراً لدعم حظر ارتداء الحجاب في المدرسة وتخضع حكومة كارناتاكا لسيطرة حزب بهاراتيا جاناتا، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وهو قومي هندوسي تميَّزت سنواته الثماني في السلطة بتصاعد خطاب الكراهية والعنف لأسباب دينية.
فيما قال رئيس وزراء ولاية كارناتاكا، الذي أغلق المدارس هذا الأسبوع بسبب الاضطرابات، إن طلاب الصفين التاسع والعاشر سيعودون إلى المدارس يوم الإثنين المقبل، 14 فبراير/شباط، مع اتِّخاذ قرارٍ في وقتٍ لاحق بشأن طلاب الصفين الحادي عشر والثاني عشر.
فواز شاهين، الأمين الوطني لمنظمة الطلاب الإسلامية في الهند، وهي مجموعة مقرها دلهي تضم أكثر من 9 آلاف عضو قال: "نعتقد أنه من الظلم حقاً أن نطلب من النساء المسلمات تعليق دينهن لبضعة أيام بينما تكمل المحكمة جلسة الاستماع".
بدأ الصراع في سبتمبر/أيلول في مؤسسة تحضيرية للفتيات في مدينة أودوبي الواقعة في جنوب غرب ولاية كارناتاكا وعندما ظهرت الكثير من الطالبات المسلمات مرتديات الحجاب، رفضهنَّ بعض المدرسين واحتسبوهنَّ غائباتٍ عن اليوم الدراسي، بحسب ما ورد في الالتماس المُقدَّم إلى المحكمة. ووفقاً لأحد مقدِّمي الالتماس، لم يكن ارتداء الحجاب في المدرسة يمثِّل مشكلةً في السنوات السابقة.
فيما شجع أولياء الأمور بناتهم على الثبات على موقفهن، بحسب محاميهن محمد طاهر حيث استمررن في ارتداء الحجاب، وأصدرت المدرسة الحظر بعد اجتماعٍ مع مُشرِّع محلي من حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعَّمه مودي، وقال طاهر: "بدأت القضية تتفجَّر منذ ذلك الحين. عندما ترتدي الطالبات الحجاب لن يُسمَح لهنَّ بالدخول، ناهيك عن حضور الصف الدراسي".
في الأسابيع الأخيرة، التقى الطلاب عند بوابات الحرم الجامعي بالعشرات من الأولاد والرجال الذين يرتدون ملابس بلون الزعفران- وهو اللون الأكثر ارتباطاً بالديانة الهندوسية، والذي يرتديه غالباً مؤيدو القومية الهندوسية- وردَّدوا شعارات تشير إلى إله الهندوس.
"العفو الدولية" تحذر من "العداء الديني"
في وقت سابق حذَّرَت منظمة العفو الدولية وغيرها من مراقبي حقوق الإنسان من أن العداء الديني قد يخرج عن نطاق السيطرة، وربما يشجِّع المتطرِّفين الهندوس على ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد مسلمي الهند، الذين يشكِّلون حوالي 15% من سكَّان البلاد، و13% في كارناتاكا.
والعلمانية هي حجر الزاوية في دستور الهند، لكن الخط الفاصل بين الدولة والدين أصبح ضبابياً في السنوات الأخيرة، مع وجود راهب هندوسي يرتدي رداء الزعفران على رأس الحكومة في ولاية أوتار براديش، وأداء رئيس الوزراء للصلوات والشعائر الهندوسية على التلفزيون.
إذ قالت المحامية الدستورية كارونا نوندي: "ما الذي تعتقده الحكومة في العلمانية في الأماكن العامة؟ هذا ما يجب مناقشته أيضاً في المحكمة". وأضافت: "إذا أرادت الحكومة اتخاذ موقف ضد الاستعراض الديني العلني، فعليها أن تتَّخِذ هذا الموقف في جميع الحالات، وإلا يكون هذا مجرد اضطهادٍ مفضوح للفتيات القاصرات وممارسة سياسة دينية على أجساد الفتيان وحرمانهنَّ من التعليم".