حثَّت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، الثلاثاء 8 فبراير/شباط 2022، الرئيس التونسي قيس سعيد على "إعادة العمل بمجلس القضاء الأعلى"، محذرة من أن "حله سيقوض بشكل خطير سيادة القانون" في تونس.
باشيليت قالت في بيان صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "من الواضح أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود الحثيثة كي تتماشى تشريعات قطاع العدالة وإجراءاته وممارساته مع المعايير الدولية المعمول بها".
"انتهاك واضح للقوانين الدولية"
وأضافت المسؤولة الأممية أن حل مجلس القضاء الأعلى في تونس شكَّل تدهوراً بارزاً في الاتجاه الخاطئ، مشيرة إلى أن خطوة قيس سعيد تعد انتهاكاً واضحاً لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقوض بشكل خطير سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء في البلاد.
كما شدَّدت المفوضية على ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية أعضاء المجلس وموظفيه، وأشارت إلى أن "قوى الأمن الداخلي طوّقت مكاتب مجلس القضاء الأعلى، ومنعت أعضاءه وموظّفيه من دخول المبنى، وفي موازاة ذلك استهدفت حملات من الكراهية والتهديد عبر الإنترنت أعضاء المجلس".
وتابعت المسؤولة قائلة: "هذا هو آخر تطوّر في مسار مثير للقلق تشهده البلاد، ففي 25 يوليو (تموز) 2021، علّق الرئيس أعمال البرلمان، وتولى جميع الوظائف التنفيذية"، لافتة إلى أنه "منذ ذلك الحين برزت محاولات متزايدة لخنق المعارضة، وتهميش الجهات الفاعلة في المجتمع المدني".
حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس
ويأتي تعليق المفوضية الأممية بعد أن أعلن الرئيس سعيد، ليل السبت/الأحد، خلال اجتماع في وزارة الداخلية، أن المجلس الأعلى للقضاء "بات في عداد الماضي"، داعياً أنصاره للتظاهر تأييداً لقراره.
إذ قال سعيد، وفق فيديو بثه حساب الرئاسة على "تويتر" خلال لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إن "المجلس الأعلى للقضاء تم حله"، ثم قال في ذات اللقاء، إن "مشروع حل المجلس الأعلى للقضاء جاهز وستتم مناقشته".
كما أعلن المجلس الأعلى للقضاء، في بيان الأحد، رفض حله في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك، بجانب رفض العديد من الهيئات القضائية والأحزاب السّياسية لحل المجلس.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن القلق إزاء "عدم احترام السلطات القضائية بتونس".
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
وتشهد تونس أزمة سياسية حادة، منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
فيما ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدّستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.