تعيش مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، حالة من الغضب المتصاعد والحداد والحزن الشديد ودعوة رسمية للإضراب الشامل، وذلك في أعقاب اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي، ثلاثة شبان فلسطينيين من أبناء المدينة.
حيث تجمع عشرات الشبان الفلسطينيين الغاضبين أمام مستشفى رفيديا الحكومي، مرددين هتافات تطالب بالرد على اغتيال الشبان، والمنددة بجريمة الاغتيال، ومن بين الهتافات ما وصفت الشبان الثلاثة بأبطال جبل النار (لقب مدينة نابلس).
والشهداء الثلاثة، هم أدهم مبروكة، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط، وينتمون لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحسب مصادر محلية.
فيما ظهرت والدة الشهيد أدهم مبروكة الملقبة بـ"الشيشاني" في مستشفى رفيديا الحكومي وهي ترفع علامة النصر، مطالبة الحاضرين بالتكبير.
خيرة شباب نابلس
كما قالت أمام جمع من الحضور: "أدهم كان من خيرة شباب نابلس، وكان شاباً مناضلاً وطموحاً ومعطاء وشجاعاً، وسبق أن اعتقل واستدعي للمقابلة لدى الاحتلال عدة مرات"، مشيرة إلى أنها كانت تعلم أنه "يسير في طريق النضال والتضحية"، وهو ما يدعوها للفخر بنجلها، وقد طلب الشهادة ونالها.
وفي فيديو آخر، قالت والدته إن آخر أكلة طلبها منها هي "العكوب" (أكلة تراثية فلسطينية تطبخ من نبات العكوب الشوكي).
كان الشهيد أدهم قد نشر عبر صفحته على "الفيسبوك"، الإثنين، صوراً خلال زيارته مع شبان آخرين لنصب تذكاري لشهداء مخيم جنين، ونصب تذكاري للشهيد جميل العموري (استشهد في جنين في يونيو/حزيران 2021)، في مدينة جنين، شمالي الضفة.
في حين شارك أدهم آخر منشور له عبر "فيسبوك" ليلة الإثنين، وكان عبارة عن دعوة عامة، يدعو فيها للمشاركة في حفل تأبين صديقه الشهيد جميل الكيال (استشهد في نابلس في ديسمبر/كانون أول 2021).
بدورها، حضرت والدة الشهيد أشرف مبسلط إلى المستشفى لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، ومن ثم انطلق مع موكب التشييع.
كذلك ظهرت والدة "مبسلط" في الجنازة، وتوجهت نحو نجلها وهي تقول "الله معك" قبل أن تضع قبلة على رأسه، وتمرر كفها على وجهه.
أما والدة الشهيد محمد الدخيل فشاركت في الجنازة، وهي تردد الزغاريد، قبل أن تقترب من الجثمان وتتلمسه، وتشارك الشبان في حمله.
بدورها، قالت والدة الدخيل، في مقابلة صحفية لها مع "شبكة قدس الإخبارية"، إن "محمد" طلب الشهادة ونالها، وطلب منها سابقاً أن ترضى عنه وألا تحزن عند استشهاده، مردفة: "منذ صغره عندما أنجبته وهبته لله".
إضراب شامل
من جانبه، أعلن محافظ نابلس (رسمية) إبراهيم رمضان، إضراباً شاملاً يشمل كافة مناحي الحياة في المدينة يوم الأربعاء 9 فبراير/شباط.
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، انطلق موكب تشييع الشهداء من مستشفى رفيديا الحكومي، قبل أن يُقيم المشيعون صلاة الجنازة عليهم عند دوار الشهداء وسط المدينة، ليواروا الثرى بعدها في المقبرة الشرقية.
بينما أغلقت المحال التجارية أبوابها قبيل خروج الجنازة، حداداً على أرواح الشهداء الثلاثة.
فيما رفع المشاركون في الجنازة العلم الفلسطيني، ورايات الفصائل، ورددوا هتافات منددة بالاعتداءات الإسرائيلية، وتنادي بالرد على جريمة اغتيالهم.
كما أطلق مسلحون الرصاص في الهواء، خلال التشييع.
بخلاف ذلك، خرج عشرات المسلحين الفلسطينيين من داخل البلدة القديمة في نابلس، وشاركوا في الجنازة، وسط إطلاق كثيف للرصاص في الهواء، خلال التشييع.
مطالب تشكيل لجنة تحقيق دولية
كانت الحكومة الفلسطينية قد نددت في بيان سابق لها بمقتل الفلسطينيين الثلاثة، مطالبة، في بيان، بتشكيل لجنة تحقيق دولية، في الجريمة المروعة، التي ارتكبها جنود الاحتلال في مدينة نابلس.
أيضاً دعت الحكومة، الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية، والإنسانية الدولية، إلى "إدانة الجريمة البشعة، والعمل على تقديم مرتكبيها للعدالة".
يشار إلى أن شهود عيان كانوا قد أكدوا أن قوة إسرائيلية خاصة اقتحمت حي "المخفية" بمدينة نابلس، عبر مركبة مدنية، ونفذت عملية إطلاق نار تجاه مركبة فلسطينية يستقلها ثلاثة شبان فلسطينيين.
في حين تداول ناشطون تسجيل فيديو، يظهر قوة خاصة إسرائيلية بعد أن أطلقت النار على المركبة.