شنّ رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، مساء الإثنين 31 يناير/كانون الثاني 2022، هجوماً حاداً على رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، مجدِّداً تمسكه باستمرار حكومة الوحدة الوطنية حتى إنجاز الانتخابات المقبلة.
إذ اعتبر الدبيبة، في تصريحات لقناة "ليبيا الأحرار" (خاصة)، أن ما يقوم به عقيلة صالح "محاولة يائسة لعودة الانقسام".
الدبيبة أضاف أن الحكومة مستمرة في أداء مهامها حتى إنجاز الانتخابات، وقد أنجزت استحقاقاتها كافة تجاه ملف الانتخابات دون تقصير.
فيما تابع أن "مخرجات الاتفاق السياسي الدولي واضحة بشأن المجلس الرئاسي والحكومة (سلطة انتقالية منتخبة)، ونحن نعمل وفقاً له".
الأطراف الدولية
كما لفت الدبيبة إلى أنهم تواصلوا مع جميع الأطراف الدولية (لم يسمها)، و"جميعها ضد محاولات رئيس مجلس النواب بشأن مرحلة انتقالية جديدة".
واستطرد قائلاً إن "2.5 مليون (ناخب) ليبي كانوا في انتظار خارطة طريق تدعم مشروع الانتخابات وتصبح واقعاً يعيشه الليبيون".
في حين أردف الدبيبة على حسابه بموقع "تويتر": "كلما ابتهج الليبيون بابتعادهم عن شبح الانقسام وتوحيد المؤسسات، نجد اليوم محاولات فردية يائسة لعودته".
يُذكر أن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي اختتم أعماله بتونس منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً تمتد حتى يونيو/حزيران 2022، وفق البعثة الأممية لدى ليبيا.
موعد اختيار رئيس الحكومة الجديد
في وقت سابق من الإثنين، قرر رئيس مجلس النواب الليبي بدء تسلم ملفات المرشحين لرئاسة الحكومة، على أن يتم اختيار رئيس جديد لها في جلسة برلمانية تُعقد يوم الثلاثاء 8 فبراير/شباط المقبل.
جاء ذلك عقب عقد البرلمان جلسة خاصة استمع خلالها "لإحاطة لجنة خارطة الطريق البرلمانية حول ما توصلت إليه".
هذه الجلسة خلصت إلى أن "يشرع مكتب المقرر بالمجلس في تسلم ملفات الترشح لرئاسة الوزراء، ويقوم المكتب بفحص الملفات؛ للتأكد من مطابقتها للشروط المطلوبة قبل تسلمها"، بحسب المتحدث باسم البرلمان.
بينما لم يتم الإعلان رسمياً عن تقدم أي شخصية للترشح لرئاسة الحكومة حتى الساعة الـ15:00 بتوقيت غرينتش.
كان البرلمان الليبي قد شكل، في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لجنة "خارطة الطريق"، وهي مكونة من 10 أعضاء، بهدف التوصل إلى صيغة توافقية بشأن المسار الدستوري في البلاد.
"التدخل الأجنبي"
من جانبها، تقول الدول الغربية إنها لن تغير موقفها فيما يتعلق بالاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية، وتطالب بالمضي قدماً نحو إجراء الانتخابات. ويقول مستشار الأمم المتحدة الخاص لليبيا إنه ينبغي أن تكون الأولوية للانتخابات وليس لتشكيل حكومة انتقالية جديدة.
لكن عقيلة صالح قال في البرلمان، الإثنين، إنه يعارض ما وصفه بالتدخل الأجنبي في ليبيا.
تأتي تلك التطورات في أعقاب إعلان 62 نائباً برلمانياً، عبر بيان مشترك قبل أيام، دعمهم استمرار عمل حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مع إدخال تعديل وزاري يسمح لها بفرض سلطتها على كامل البلاد، حيث تقع مناطق الجنوب والشرق تحت سيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
خلال جلسة سابقة للبرلمان، قال عقيلة صالح إن حكومة الدبيبة "انتهت ولايتها ولا يجوز أن تستمر"، مؤكداً أن "الدبيبة إذا أراد العودة للرئاسة فعليه أن يتقدم من جديد بحكومة لمجلس النواب، مثله مثل أي مواطن آخر".
يشار إلى أن عدد أعضاء البرلمان يبلغ 200، لكن العدد الفعلي حالياً هو نحو 170، ولا يمكن تحديده بدقة جراء وفيات واستقالات.
خلافات محتدمة
من المحتمل أن ترفض الفصائل الأخرى، وبعض الجماعات المسلحة، تحرُّك البرلمان للإطاحة بالدبيبة، الذي تولى المنصب عبر عملية سلام تدعمها الأمم المتحدة.
فتلك الخطوة في حال الإقدام عليها ربما تثير قتالاً كبيراً بين الفصائل المتنافسة بالبلاد، وذلك بعد 18 شهراً من الهدوء النسبي.
كان قد تم الاتفاق خلال ملتقى الحوار السياسي على تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن هذا لم يحدث جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية حول قانون الانتخابات.
حتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إذ اقترحت سابقاً مفوضية الانتخابات تأجيلها إلى 24 يناير/كانون الثاني، فيما اقترح مجلس النواب إجراءها بعد 6 أشهر.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات، صراعاً مسلحاً وانقساماً في المؤسسة العسكرية، من جرّاء منازعة ميليشيا حفتر للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، فإن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.