واشنطن اشترت “بيغاسوس” الإسرائيلي! نيويورك تايمز: تل أبيب أمرت بعدم اختراق الهواتف الأمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/28 الساعة 19:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/28 الساعة 19:56 بتوقيت غرينتش
قرصنة الهواتف بواسطة برنامج بيغاسوس الإسرائيلي / عربي بوست

ذكرت صحيفة New York Times الأمريكية، الجمعة 28 يناير/كانون الثاني 2022، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ"إف بي آي" قد اشترى بالفعل برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" الذي صممته شركة مجموعة NSO Group، وجاء في تقرير لها أن مهندسيها اختبروا البرنامج وتأكدوا من كونه مصمماً على عدم اختراق الهواتف الأمريكية.

فعلى الرغم من كون واشنطن لم يذكر اسمها كثيراً في فضيحة "بيغاسوس" فإنها قد اقتنت بالفعل نسخة منه، في الوقت الذي أثير فيه جدل واسع حوله، حيث استخدمت المكسيك البرنامج ضد العصابات، والصحفيين، والمعارضين السياسيين على حدٍّ سواء،  بينما استخدمت الإمارات البرنامج لاختراق هاتف أحد نشطاء المجتمع المدني، قبل أن تلقي به الحكومة بالسجن. في حين استخدمته السعودية ضد ناشطات حقوق المرأة، وللتجسس على اتصالات الصحفي جمال خاشقجي بحسب القضية التي رفعها أحد المعارضين السعوديين.

أمريكا أول الزبائن

في يونيو/حزيران عام 2019، وصل ثلاثة مهندسي حاسوب إسرائيليين إلى بنايةٍ يستخدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) في نيوجيرسي. وفتحوا أمتعهم التي ضمت عشرات خوادم الحاسوب، ثم قاموا بترتيبها على رفوفٍ طويلة داخل غرفةٍ معزولة. 

بعد تجهيز المعدات، أجرى المهندسون سلسلةً من الاتصالات مع مديريهم في مدينة هرتسليا بضواحي تل أبيب، حيث يقع المقر الرئيسي لأشهر شركة تصنع برمجيات التجسس في العالم: مجموعة NSO Group. ثم بدأوا اختبارهم باستخدام المعدات الموجودة.

إذ كان الـ"إف بي آي" قد اشترى نسخةً من بيغاسوس، أشهر أدوات التجسس الخاصة بالمجموعة. ومع دخول مهندسي الشركة إلى تلك البناية في نيوجيرسي عام 2019، كانت أنباء الانتهاكات العديدة لـ"بيغاسوس" قد أصبحت موثقةً بشكلٍ جيد. 

لكن كل ذلك لم يمنع العملاء الجدد من التهافت على منتج NSO، ومنهم الولايات المتحدة بالطبع. إذ لم يتم الإعلان من قبل عن تفاصيل قيام الـ"إف بي آي" بشراء واختبار "بيغاسوس". 


علاوةً على أنّ السنة التي قُتِل فيها خاشقجي شهدت قيام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بالترتيب لحصول حكومة جيبوتي على "بيغاسوس"، حيث دفعت الوكالة قيمة الصفقة لمساعدة حليف الولايات المتحدة على محاربة الإرهاب رغم المخاوف قديمة العهد إزاء انتهاكات حقوق الإنسان هناك، وضمن ذلك اضطهاد الصحفيين وتعذيب معارضي الحكومة.

بيغاسوس لا يمكنه اختراق الهواتف الأمريكية

بموجب تدريبهم، قام موظفو الـ"إف بي آي" بشراء هواتف ذكية جديدة من متاجر محلية وإعدادها بحسابات وهمية، مستخدمين بطاقات SIM من دول أخرى، لأن برنامج بيغاسوس مصمم بحيث لا يمكنه اختراق أرقام الهواتف الأمريكية. 

حينها قام مهندسو "بيغاسوس" بفتح واجهة المستخدم الخاصة بهم وإدخال رقم الهاتف الأجنبي لبدء الهجوم، كما فعلوا من قبل في أكثر من عرضٍ بمختلف أنحاء العالم.

كان ذلك الإصدار من "بيغاسوس" يُعرف باسم "Zero Click" (أي بدون نقرة)، وهو يتميّز عن برامج الاختراق الشائعة بأنّه لا يتطلب من المستخدمين الضغط على أي ملفات مرفقة أو روابط تشعبية خبيثة. 

لهذا لم يلاحظ الأمريكيون أي دليلٍ على حدوث اختراق لهواتفهم الجديدة التي يراقبونها. إذ لم يتمكنوا من رؤية حواسيب "بيغاسوس" وهي تتصل بشبكةٍ من الخوادم حول العالم، لتخترق الهاتف، ثم تعاود الاتصال مرةً أخرى بالمعدات الموجودة في بناية نيوجيرسي. 

لكن بعد بضع دقائق، تمكنوا من رؤية كل تفصيلة من البيانات المخزنة على الهاتف وهي تتكشف أمام أعينهم على الشاشات الكبيرة لحواسيب "بيغاسوس": كل رسالة بريد إلكتروني، وكل صورة، وكل سلسلة رسائل نصية، وكل جهة اتصال شخصية. 

كما تمكنوا أيضاً من رؤية موقع الهاتف، وحتى التحكم بالكاميرا والميكروفون. وصار بإمكان عملاء الـ"إف بي آي" الذين يستخدمون "بيغاسوس"، نظرياً، أن يُحوّلوا أي هاتفٍ حول العالم إلى أداة تجسس قوية بشكلٍ فوري، باستثناء الهواتف الموجودة داخل الولايات المتحدة.

يرجع السبب في ذلك إلى أنّ إسرائيل ألزمت مجموعة NSO ببرمجة "بيغاسوس" بحيث يعجز عن استهداف أرقام الهواتف الأمريكية؛ وذلك لخشيتها من إغضاب الأمريكيين إذا ساعد البرنامج دولاً أخرى في التجسس على الولايات المتحدة، مما منع بدوره عملاءها الخارجيين من التجسس على الأمريكيين، لكنه منع الأمريكيين أيضاً من التجسس على الأمريكيين.

مجموعة NSO Group عرضت البديل على الـ"إف بي آي".. برنامج "فانتوم"

مؤخراً، عرضت المجموعة الإسرائيلية حلاً بديلاً على مكتب التحقيقات الفيدرالي. إذ قدمت للمسؤولين في واشنطن برنامجاً جديداً يُدعى فانتوم Phantom خلال عرضٍ تقديمي، وهو برنامجٌ قادر على اختراق أي رقمٍ أمريكي يرغب الـ"إف بي آي" في استهدافه، حيث منحت إسرائيل تصريحاً خاصاً لمجموعة NSO Group يسمح لبرنامج فانتوم باستهداف أرقام الهواتف الأمريكية. لكن التصريح أجاز بيع البرنامج الجديد لنوعٍ واحد فقط من العملاء: الوكالات الحكومية الأمريكية.

إذ حصلت صحيفة The Times البريطانية على نسخةٍ من كُتيّب أنيق قام فرع NSO الأمريكي بإعداده للعملاء المحتملين. ونص الكتيب على أنّ برنامج فانتوم يسمح لجهات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات الأمريكية بالحصول على معلومات استخباراتية "عن طريق استخراج ومراقبة البيانات المهمة على الأجهزة المحمولة". وهو "حلٌ مستقل" لا يتطلب أي تعاونٍ من شركات مثل AT&T، أو Verizon، أو Apple، أو Google، حيث سيقوم البرنامج "بتحويل هاتف الشخص المستهدف إلى منجم ذهب من المعلومات الاستخباراتية".

فقد أثار العرض التقديمي لـ"فانتوم" عاصفةً من النقاشات بين المحامين الحكوميين في وزارة العدل والـ"إف بي آي" على مدار عامين، حيث تمحورت النقاشات في عهد إدارتين مختلفتين حول سؤالٍ أساسيٍ واحد: هل سيتعارض استخدام برنامج فانتوم داخل الولايات المتحدة مع قوانين التنصت عبر الهاتف؟ وبينما استمر المحامون في جدالهم، قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتجديد عقد برنامج بيغاسوس ودفع للمجموعة الإسرائيلية نحو خمسة ملايين دولار. وخلال تلك الفترة، كان مهندسو المجموعة على تواصلٍ مستمر بموظفي الـ"إف بي آي".

في حين استمرت النقاشات بوزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي حتى الصيف الماضي، حين قرر الـ"إف بي آي"، بشكلٍ نهائي، عدم استخدام أسلحة NSO. وقد جاء القرار بالتزامن مع نشر موقع Forbidden Stories الفرنسي تفاصيل جديدة عن أسلحة المجموعة السيبرانية واستخدامها ضد الصحفيين والمعارضين السياسيين. بينما ما تزال أجهزة "بيغاسوس" حالياً داخل تلك البناية في نيوجيرسي.

تحميل المزيد