أقام اللاجئون الفلسطينيون العديد من الجمعيات والمؤسسات أو حتى المتاجر التي تحمل أسماء مدنهم داخل إسرائيل للتذكير بحق العودة والتأكيد عليه، ليس فقط العودة إلى الأرض ولكن عودة الأسماء التي تغيَّرت من العربية إلى العبرية.
كانت عملية التهويد واسعة منذ الاحتلال الفلسطيني، شملت الاستيطان، التعدي على ملكية أراضي الفلسطينيين وبيوتهم وحتى تاريخهم وثقافتهم.
وفي ظل الإدراك الإسرائيلي لأهمية التسمية ودلالتها الخاصة بمعالم البلاد، أنشأ الاحتلال لجنة أطلق عليها اللجنة الحكومية للأسماء أشرك فيها العديد من المؤسسات والهيئات، لهذا روعيت في عملية التسمية اعتبارات كثيرة، تتعلق بالتاريخ المزعوم حتى استبدل الاحتلال أسماء المدن الفلسطينية بأخرى كنعانية أو إسرائيلية، ليطمس التاريخ.
فالقدس أصبحت "يروشلايم"، والناصرة صارت "نتسيرت"، بل شملت عملية شطب الأسماء العربية للمدن عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية أيضاً، وبينها مدينة الخليل التي أصبحت "حيفرون".
أسباب التسمية
في الخرائط والكتب الإسرائيلية، أعطيت العديد من أسماء الأماكن والمعالم الجغرافية الفلسطينية أسماء إما بسبب ورودها في "العهد القديم" أو بفعل التقدير أن الأماكن المسماة كانت مسرحاً لحدث معيّن حسب الرواية الإسرائيلية، وأسماء لأدباء يهود وأخرى لرموز فلسطينية؛ وعليه توزّعت التسميات الصهيونية للمعالم الفلسطينية وفق عشرة أنماط رئيسية.
أسماء تلمودية
أطلقت هذه التسميات على أماكن بالجليل ومرج بن عامر ورد ذكرها في التلمود وكانت مستعملة في العهدين البيزنطي والروماني، ومنها مثلاً:
خربة نبرتين خربة نبورياه
خربة المنارة خربة منوريم
خربة المسكنة خربة مشكنة
خربة اللجون خربة عوتناي
خربة البيس خربة كفاربيش
وفي حالات أخرى أطلقت تسميات يهودية على أماكن فلسطينية تخليداً لأسماء شخصيات يهودية؛ فمثلاً سمي جبل الشيخ مرزوق جنوب غرب القدس بـ "هار غيورا" على اسم شمعون بارغيورا أحد قادة التمرد اليهودي ضد الرومان، بينما سمي جبل العريمة في منطقة الخليل باسم هار هكنائيم نسبة إلى المتعصبين اليهود الذين تمردوا ضد الرومان وتحصنوا في قلعة متسادا "مساده".
حاخامات وأدباء
سمي جبل حيدر باسم هار نسبة إلى هآري رئيس حاخامات الكابالاه في صفد بينما سميت عين الحمرة جنوب صفد بعين همبيط نسبة إلى الحاخام موشي مطراني همبيط الذي قيل إنه عاش في صفد في القرن السادس عشر.
أطلقت إسرائيل في الوفت ذاته بعض أسماء الرموز الصهيونية على الأماكن التي غيرت أسماءها، فـ"عين رواحنة" الواقعة في منطقة الحولة سمتها عين هوشمير، ذاك الاسم الذي أطلق سابقاً على اسم منظمة هوشمير إحدى أشهر المسؤسسات الداعمة للصهيونية، أما عين الرصيف الواقعة في الحولة أيضاً فأطلق عليها الاحتلال اسم عين هاروفيه نسبة لطبيب إسرائيلي شهير خدم الاحتلال بأبحاث متعلقة بالبيئة.
تسميات لرموز صهيونية
تغير أيضاً اسم جبل قليلة الواقع في مرج ابن عامر، إلى هار جيبوريم والتي تعني بالعبرية الأبطال، إحياءً لذكرى المحاربين الإسرائيليين الذين سقطوا هناك في دخول الاحتلال عام 1948، فيما أطلق اسم هار أرنون على جبل راس أبو رديحة، وهو اسم واحد من المحاربين الذين قتلوا في العام ذاته.
أما عين كو فشيم فهو الاسم الإسرائيلي لمنطقة عين البيضا الواقعة في الجليل الغربي، وهو نسبة الإسرائيليين الذين احتلوا قرية حانوتا العربية وهجروا سكانها العرب أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين.
تنطوي عملية الاستبدال على رغبة في امتلاك البلاد وحرمان العرب حتى من هويتهم وعما يعبر عنهم في أرضهم.
وارتباطاً بالتسمية اليهودية للبلاد فضل الإسرائيليون استخدام اسم "إسرائيل" لدولتهم بدلاً من الاسم الذي كان قد اختاره هرتزل وهو "دولة اليهود" لأسباب كان من بينها إيجاد تناسق بين اسم الدولة والاسم العبري لفلسطين وهو "إيرتس يسرائيل"، وعدم الرغبة في التذكير بالحدود القديمة لمملكة يهودا البائدة التي لم تكن تشمل إلا القسم الجنوبي من فلسطين من دون ساحل البحر، مما يمثل قيداً تاريخياً للمطامع التوسعية الاستعمارية لهم.
زعم الاحتلال أن العديد من الأسماء العربية هي تحريف للأسماء العبرية القديمة، وأن ما قاموا به خلال عملية تهويد الأسماء هو بمثابة إعادة الأسماء الأصلية إلى المواقع، إلا أن الواقع غير ذلك، الواقع الذي يفرضه الفلسطينيون بعدم استسلامهم لعملية السطو الفكري هذه بل ويسعون إلى ترسيخ الأسماء الفلسطينية في ذاكرة الأجيال الجديدة والحفاظ على هويتهم مهما تغيرت على الأوراق الرسمية.