أعلنت حركة "أمل" وجماعة "حزب الله" اللبنانيتان، السبت 15 يناير/كانون الثاني 2022، العودة إلى المشاركة في أعمال مجلس الوزراء، الأمر الذي يمهِّد الطريق أمام استئناف اجتماعات الحكومة بعد توقف استمر ثلاثة أشهر، فيما رحب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعودتهما.
جاء ذلك وفق بيان مشترك أصدرته حركة "أمل" وجماعة "حزب الله" (شيعيتان).
حيث قال البيان إن "الأحداث وتطورات الأزمة الداخلية سياسياً واقتصادياً قد تسارعت إلى مستوى غير مسبوق، لذا، فإننا استجابة لحاجات المواطنين ومنعاً لاتهامنا الباطل بالتعطيل نعلن الموافقة على العودة إلى المشاركة في أعمال مجلس الوزراء، من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي".
فيما جدّدت الحركة والجماعة "اتهامهما للمحقق العدلي بالاستنسابية والتّسييس"، مطالبَتين "السلطة التنفيذية بالتحرك لإزالة الموانع التي تعيق تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وإبعاد هذا الملف الإنساني والوطني عن السياسة والمصالح السياسية".
ميقاتي يرحب
بدوره، رحب ميقاتي بعودة حركة أمل وحزب الله للمشاركة في جلسات مجلس الوزراء، وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي.
ميقاتي لفت إلى أنه "سيدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد فور تسلم مشروع قانون الموازنة من وزارة المال"، موضحاً أن حكومته تسعى لتوقيع اتفاق مبدئي لبرنامج دعم من صندوق النقد الدولي خلال شهر فبراير/شباط المقبل.
إلا أن مصدراً حكومياً أكد لوكالة رويترز أنه من غير المتوقع عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع؛ إذ لا تزال الاستعدادات جارية لوضع الميزانية وأرقام خطة التعافي المالي.
يشار إلى أنه في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تأجل انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة حينها، إلى أجل غير مسمى، إثر إصرار الوزراء المحسوبين على جماعة "حزب الله" وحركة "أمل" أن يبحث المجلس ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، تمهيداً لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بعد اتهامه بـ"التسييس".
منذ ذلك الحين لم تعقد أي جلسة للحكومة اللبنانية، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعيشها البلاد.
نتيجة لذلك، تأخرت محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي حول خطة التعافي الاقتصادي. ويُنظر إلى هذه المحادثات على أنها لازمة لاستئناف الدعم الدولي الذي يهدف لانتشال لبنان من أزمة دفعت قطاعات واسعة من البلاد إلى هاوية الفقر.
في حين قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي إن محادثات عبر الإنترنت ستجرى مع السلطات اللبنانية خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير/كانون الثاني الجاري.
انفجار مرفأ بيروت
جدير بالذكر أن انفجار ضخم وقع، في 4 أغسطس/آب 2020، في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6 آلاف آخرين بجروح، فضلاً عن دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
عقب ذلك، اتهمت الجماعتان الشيعيتان القاضي طارق البيطار بالتحيز بعد أن سعى لاستجواب اثنين من كبار الشخصيات في حركة أمل متهمين في الانفجار.
فيما نقلت عائلات ضحايا الانفجار عن البيطار، الذي لا يدلي بتصريحات علنية، قوله إنه سيمضي قدماً في تحقيقه الذي تعطل مراراً بسبب عدد كبير من الدعاوى القضائية التي رفعها مشتبه بهم نافذون في هذه القضية.
لكن حزب الله وحركة أمل يسعيان إلى عزل البيطار.
خسائر اقتصادية فادحة
كان نائب رئيس الوزراء اللبناني، سعادة الشامي، قد أفاد في تصريحات سابقة، بأن المسؤولين اللبنانيين اتفقوا على تقدير حجم خسائر القطاع المالي في البلاد بما يتراوح بين 68 و69 مليار دولار.
يذكر أن الأمم المتحدة أعلنت مؤخراً أن 74% من سكان لبنان يعانون الفقر في 2021، وذلك بعد أن سجل 55% من السكان بالعام السابق، و28% في 2019.
جاء ذلك في دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا"، بعنوان: "الفقر المتعدد الأبعاد في لبنان.. واقع أليم وآفاق مبهَمة".
الدراسة أوضحت أن "نسبة الأسر المحرومة من الرعاية الصحية قد ارتفعت إلى 33%، كما ارتفعت نسبة الأسر غير القادرة على الحصول على الدواء إلى أكثر من 50%".
فيما يُقدر البنك الدولي أن لبنان يحتاج في أحسن الأحوال لنحو 12 عاماً كي يعود إلى مستويات الناتج المحلي المسجلة في 2017، وفي أسوأ الأحوال إلى 19 عاماً.
منذ أكثر من عامين يعاني لبنان أزمة اقتصادية ومالية طاحنة، سبَّبت تدهوراً حاداً في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، ونقصاً في النقد الأجنبي اللازم لاستيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء.