أقر مجلس النواب الأردني، الخميس 6 يناير/كانون الثاني 2021، إصلاحات دستورية مدعومة من الحكومة تهدف إلى تنشيط الحياة السياسية الراكدة في البلاد، لكن بعض النواب المعارضين انتقدوا التعديلات، قائلين إنها غير كافية لتعزيز الديمقراطية.
فقد تمت الموافقة على التعديلات بأغلبية 104 إلى ثمانية أصوات بعد مناظرة محتدمة على التعديلات التي اقترحتها في بادئ الأمر لجنة ملكية عيَّنها الملك عبد الله الحليف المقرب من الولايات المتحدة وصاحب القول الفصل في البلد الذي يقطنه عشرة ملايين نسمة.
محاولة لاستعادة الثقة
في السياق نفسه، يقول ساسة مستقلون إن التعديلات محاولة من جانب السلطة لاستعادة ثقة الرأي العام بالدولة والتنفيس عن الغضب من فشل الحكومات المتعاقبة في الوفاء بتعهدات الرخاء ومحاربة الفساد.
كما يقول مسؤولون إن أحد أبرز التعديلات يمهد الطريق أمام اختيار أكبر حزب منفرد بالمجلس من سيتولى منصب رئيس الوزراء بدلاً من أن يختاره الملك.
كان هذا المطلب بنداً رئيسياً على جدول أعمال إصلاحي يؤيده خليط من الساسة الإسلاميين وزعامات عشائرية معارِضة، وتعطي تعديلات أخرى الأحزاب السياسية دوراً أكبر وتسمح بتمثيل أكبر للنساء وتخفض سن النواب المنتخبين إلى 25 عاماً.
من جانبه، قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة للمجلس: "نمضي قدماً في مشروع تحديث المنظومة السياسية، والتأسيس لحكومات حزبية، وضمان استقرار هذا المسار".
يُذكر أن العاهل الأردني أطلق المسار الإصلاحي بعد أن هزت أزمةٌ المؤسسةَ السياسية القائمة على أساس عشائري في أبريل/نيسان 2021، عندما اتُّهم ولي العهد السابق الأمير حمزة بالتحريض على الملك بعد أن اتهم زعماء البلاد بالفساد.
إذ كشفت المواجهة التصدعات داخل المملكة التي شهدت اضطرابات في السنوات الأخيرة، أثارها تدهور الأوضاع الاقتصادية ومطالب بحريات سياسية أكبر والقضاء على الفساد المستشري.
إنشاء مجلس أمن قومي
فقد صوَّت مجلس النواب بالموافقة على إنشاء "مجلس أمن قومي" يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية.
يمثل إقرار المجلس تعديلاً للمادة 122 من الدستور، والتي كانت تتضمن تشكيل مجلس عالٍ مهمته تفسير أحكام الدستور إذا طُلب منه ذلك بقرار من مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة (البرلمان بشقيه) بالأكثرية المطلقة ويكون نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.
بموجب التعديل، فإن مجلس الأمن القومي يتألف من رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية وقائد الجيش ومديري المخابرات، والأمن العام، وعضوين يعيّنهما الملك.
ويجتمع المجلس عند الضرورة بدعوة من الملك وبحضوره أو حضور من يفوضه، وتكون قرارات المجلس واجبة النفاذ في حال تصديق الملك عليها، وتُنظم شؤون المجلس بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.
معارضون ينتقدون هذه التعديلات
الملك عبد الله، الذي يحكم البلاد منذ عام 1990 ويمكنه حل البرلمان وتعيين حكومات، صرح في السنوات الأخيرة بأنه يأمل ذات يومٍ تطبيق نظام الملكية الدستورية.
في الجهة المقابلة، يعتقد ساسة ليبراليون أن الملك أُجبر على اتخاذ مجرد خطوات خجولة نحو الديمقراطية، بسبب قيود البيروقراطية المحافظة وقاعدة النفوذ العشائري التي تعتبر الإصلاح تهديداً لمزاياها السياسية والاقتصادية.
كذلك، اعتبر بعض المشرعين بمجلس النواب الذي يهيمن عليه نواب موالون للحكومة، أن التعديلات تنتهك الدستور والنظام البرلماني السائد في البلاد منذ عقود.
صالح العرموطي، الذي عارض التعديلات في النقاش المحتدم، وصف ما حدث بـ"انقلاب وردَّة على الدستور وعبث بالدستور، وغيّر النظام النيابي الملكي وتغوّل على كل السلطات".