أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية بالبلاد)، مساء الثلاثاء 4 يناير/كانون الثاني 2022، رفضه للاستشارة الإلكترونية التي طرحها الرئيس قيس سعيّد، مؤكداً أنها ربما تكون أداة لفرض أمر واقع والوصول إلى هدف مُحدد سلفاً، دون تحديده.
جاء ذلك في بيان أصدره الاتحاد عقب ختام الهيئة الإدارية للاتحاد التي عُقدت بمدينة الحمامات (شمال شرق).
الاتحاد أكد أن "الاستشارة الإلكترونية لا يمكن أن تحلّ محلّ الحوار الحقيقي، لكونها لا تمثّل أوسع شرائح المجتمع وقواه الوطنية، فضلاً عن غموض آلياتها وغياب سبل رقابتها، ومخاطر التدخّل في مسارها والتأثير في نتائجها".
إقصاء الأحزاب والمنظمات
فيما أوضح أن آلية الاستشارة الإلكترونية تعد "إقصاء متعمداً للأحزاب والمنظمات، كما أنها سعي ملتبس قد يفضي إلى احتكار السلطة وإلغاء المعارضة، وكل سلطة تعديل أخرى".
و"الاستشارة الإلكترونية"، هي الاستطلاع الشعبي الإلكتروني الذي انطلق تجريبياً، السبت، وينطلق رسمياً منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، لجمع آراء المواطنين حول مواضيع مختلفة سياسية واجتماعية واقتصادية، التي كلف سعيد في وقت سابق وزارة تكنولوجيات الاتصال بتدشينها.
في حين انتقد الاتحاد، ذو التأثير القوي في تونس، خارطة الطريق التي اقترحها الرئيس سعيد سابقاً للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، معتبراً أن تحديد مواعيد الانتخابات "خطوة أساسية لإنهاء الوضع الاستثنائي، لكنها لا تقطع مع التفرّد والإقصاء وسياسة المرور بقوّة دون اعتبار مكوّنات المجتمع التونسي ومكتسباته".
استقلالية القضاء
كما شدّد الاتحاد على "ضرورة احترام الحقوق والحريات، والحرص على ضمان استقلالية القضاء"، داعياً إلى "إصلاح عاجل للمرفق القضائي".
في غضون ذلك عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل عن استعداده لإنجاح أي مبادرة "تجمّع حولها أطياف وطنية، ومن شأنها إنقاذ تونس وشعبها"، مضيفاً: "الوقت قد حان لفتح ملفات التسفير والاغتيالات السياسية، ونهب المال العام وغيرها".
من جهته، وصف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الاستشارة الإلكترونية بأنها "غير مجدية ولا تعوّض الحوار، خاصة أن الشعب التونسي ليس كله متمكناً من التكنولوجيا".
الطبوبي أضاف، في تصريحات له: "نرى أنه يمكن ربح حيز زمني في هذا الاتجاه (تحقيق الحوار) وبلادنا تحتاج الخروج من هذا الوضع الذي هي فيه، ولنا القدرة على الخروج منه شريطة تضامن وطني حقيقي".
فيما تابع أن "هذا ممكن شريطة الابتعاد عن المناكفات والسباب والشتائم والجميع في حاجة إلى مراجعة نفسه من أجل إنقاذ الوطن لأن إنقاذ الوطن ممارسة وليس شعارات".
يشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل، الحاصل على جائزة نوبل للسلام في 2015 لدوره مع منظمات أخرى في قيادة حوار بين الخصوم السياسيين في البلاد عام 2013، هو قوة رئيسية في البلاد ويضم نحو مليون عضو وفقاً لأرقامه.
إجراءات استثنائية
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
أما في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس سعيّد عن رزنامة مواعيد للخروج من "المرحلة الاستثنائية"، تبدأ بما سمّاه "الاستشارة الشعبية الإلكترونية"، وتنتهي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 بانتخابات مبكرة، وتنظيم استفتاء يوم 25 يوليو/تموز 2022.
إلا أن معارضين لسعيد يؤكدون أن إجراءاته الاستثنائية عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
على إثر ذلك، ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).