صوّت البرلمان الأردني، الأحد 2 يناير/كانون الثاني 2021، بالأغلبية على رفض مقترح ضمن مشروع التعديلات الدستورية، ينص على ترؤس الملك لمجلس للأمن الوطني والسياسة الخارجية.
كان مراقبون قد حذروا في وقت سابق من أن التعديلات الدستورية التي يسعى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تسعى لتوسيع نفوذه في المملكة وسيطرته بشكل كامل على الأجهزة الأمنية، وذلك من خلال "المجلس الأمني الوطني"، الذي رفض البرلمان إقراره اليوم.
تصويت البرلمان بعدم الموافقة على رئاسة الملك للمجلس الأمني جاء بواقع 113 صوتاً رافضاً من أصل 130، وذلك لاعتبارات تتعلق بإخضاع مجلس الأمن الوطني للرقابة من السلطة التشريعية، وهو ما اعتُبِر "إخلالاً بمبدأ السلطة والمسؤولية" في النظام الملكي وصلاحيات الملك الدستورية، الذي يرأس السلطة التنفيذية ويتولاها من خلال وزرائه، حسب ما نقلت شبكة CNN الأمريكية.
اعتذار من الشعب الأردني
في مستهل بدء مناقشات الجلسة ذاتها، قدم رئيس مجلس النواب، عبد الكريم الدغمي، اعتذاراً عاماً للشعب الأردني عن أحداث الجلسة الماضية.
حيث شهدت جلسة الثلاثاء الماضي، التي خُصِّصت للبدء في مناقشة التعديلات الدستورية اشتباكات بالأيدي وتلاسناً كلامياً بين عدد من النواب، احتجاجاً على إدارة رئيس البرلمان لحيثيات المناقشات.
وصوّت البرلمان بالموافقة على إضافة كلمة "الأردنيات" إلى إحدى مواد الدستور، أثار تعديلها جدلاً واسعاً؛ لما لها من تحقيق المساواة المطلقة بين الجنسين.
وتنص المادة قبل التعديل على "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"، إلا أن المجلس وافق على إضافة كلمة "الأردنيات" إليها.
تعديلات أثارت جدلاً
والتعديلات الدستورية التي يناقشها البرلمان هي توصيات من لجنة تشكلت في يونيو/حزيران 2021 بأمر ملكي بهدف تحديث المنظومة السياسية، ويبلغ عددها نحو 30 مادة.
ومن أبرز التعديلات المقترحة: إنشاء مجلس خاص بالأمن القومي، وانتخاب رئيس مجلس النواب لسنة واحدة بدلاً عن سنتين، ومنح أعضاء المجلس حقاً بإعفاء رئيسه في حال عجزه عن القيام بواجباته.
من جانبه، قال موقع Middle East Eye البريطاني، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، إن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، يواجه انتقادات واتهامات بأنه يوسع نفوذه في المملكة من خلال جملة من التعديلات الدستورية.
من بين التعديلات الدستورية التي وضعتها لجنة ملكية هذا العام، وقُدِّمَت إلى البرلمان قبل أسبوعين ثمانية تعديلات مثيرة للجدل أضافتها الحكومة.
يقول منتقدون إنَّ هذه التعديلات الثمانية الإضافية تمنح في الواقع المزيد من السلطة للملك عبد الله، وتقوض السياسيين الأردنيين.
التعديلات الحكومية المثيرة للجدل التي "دقت ناقوس الخطر" تنص على إنشاء مجلس وطني للعلاقات الخارجية والأمن يكون مسؤولاً عن الشؤون السياسية الخارجية وميزانية الدولة والقضايا السيادية والأمنية الأخرى.
سيترأس الملك المجلس، وسيضم رئيس الوزراء وقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية ووزيري الداخلية والخارجية وعضوين آخرين يعينهم الملك.
كما تمنح التعديلات الملك وحده مسؤولية تعيين وقبول استقالة العديد من المناصب العليا في البلاد، من قائد الشرطة إلى رئيس القضاء، إلى المفتي.
من جانبهم، يقول بعض مؤيدي تلك الخطوة إنَّ المنتقدين يخشون فقط من الحكومات القائمة على الأحزاب التي تستحدثها التعديلات، لكن المتحدث باسم "الحراك الأردني الموحد، جمال جيت، رد قائلاً: "عذر واهٍ".
أضاف جيت: "نريد أن ننتقل إلى حكومات حزبية منتخبة تتمتع بسلطات نابعة من الدستور، إنَّ ما فعلته الحكومة بهذه التعديلات هو قلب عملية الحكم برمتها رأساً على عقب، ورفضت فكرة أنَّ الشعب هو مصدر السلطة".
اعتبر كذلك أن "التعديلات لن تكون نتيجتها رائعة بالنسبة لرأس الدولة أيضاً؛ إذ ستُوقِع بالملك من خلال إعطائه سلطات تنتهك الدستور"، بحسب قوله.
يُذكر أنَّ التعديلات تأتي في وقت تصل معدلات البطالة والفقر إلى الأسوأ، وواجهت سلطة الملك تحدياً متمثلاً في مؤامرة انقلاب مزعومة، قالت السلطات إن شقيقه الأمير حمزة تورط فيها.
يُشار إلى أن هنالك قضايا مختلفة تثير المتظاهرين الأردنيين، وتمثّلت هذه القضايا يوم الجمعة 3 ديسمبر/كانون الأول، في التعديلات الدستورية، والاتفاق المثير للجدل بين الأردن وإسرائيل لتبادل الكهرباء بالمياه.
في هذا الصدد قال جيت: "نأمل أن تُضيف احتجاجاتنا الضغط على أعضاء البرلمان لإقناعهم بعدم دعم هذه التغييرات، سنضغط على البرلمان لرفض هذه التعديلات".