نقل موقع Middle East Eye البريطاني قصة الشاب الفلسطيني الذي استشهد على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، إذ قال إن محمد عباس كانت متحمساً لأنه كان يستعد للزواج ومتشوقاً لمناقشة خطط الزفاف القادمة مع عائلته.
وروى شقيق محمد مهند أن "عائلته كانت مشغولة بالتحضيرات للزفاف، وكان محمد يجهز منزله، وجاءت خطيبته لتناول طعام الغداء بعد ظهر الأربعاء، وجلسنا جميعاً معاً".
وأضاف: "كان محمد قد اشترى للتوّ الكثير من الملابس الجديدة، وأظهرها لنا ثم قال إنه سيوصل خطيبته إلى منزلها. كان ذلك قرب حوالي الساعة 9 مساءً"، لكن كانت تلك المرة الأخيرة التي رأى عباس فيها شقيقه محمد على قيد الحياة.
"ضوء أخضر للقتل"
بعد نصف ساعة من مغادرة محمد منزل العائلة، سمع عباس تقارير تفيد بأنَّ سيارات جيب إسرائيلية دخلت مخيم الأمعري للاجئين بالقرب من رام الله بحثاً عن سيارة بيضاء.
كانت السيارة التي تتبعوها إلى داخل المخيم قد هربت، لكن الإسرائيليين عثروا على سيارة بيضاء أخرى، وهي سيارة محمد.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي رصاصتين على سيارة محمد، فأصابته في ظهره ونُقِل لاحقاً إلى المستشفى، لكن بحلول الوقت الذي وصل فيه، كان الشاب البالغ من العمر 26 عاماً قد مات بالفعل.
وتطرق عباس إلى اللحظات الأخيرة قائلاً إنَّ الجيش الإسرائيلي "أعدم" شقيقه ووصفه بأنه "لا يشكل أي تهديد لهم"، وقال عباس إنَّ الجيش أعطى الضوء الأخضر لجنوده لقتل أي فلسطيني.
وأشار: "بالأمس قُتِل شخص في جنين، واليوم قُتل أخي، وغداً سيقتل الاحتلال شخصاً آخر"، وتابع قائلاً: "أطلقوا النار عليه من على بُعد ثلاثة أمتار فقط لقد قصدوا قتله. وعندما أطلقت سيارة الجيب الإسرائيلية النار عليه، غادرت المخيم وكأنَّ شيئاً لم يحدث. كان صديق محمد معه في الجيب… واقتاده إلى المستشفى".
وأُرسِل محمد إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، حيث حاول الأطباء إنقاذ حياته دون جدوى، ونفى عباس المزاعم الإسرائيلية، معرباً عن اعتقاده أنَّ القوات الإسرائيلية دخلت إلى المخيم "بنية قتل شخص ما".
إذ قال عباس: "شاهدنا مقطع فيديو نشروه عن السيارة التي كان الجيش يبحث عنها، ولم تكن مثل سيارة محمد. ربما اعتقدوا أنها نفس السيارة، لكن هذا ليس سبباً لقتله".
وأضاف: "كان بإمكانهم إيقافه أو استجوابه، لكنهم أعدموه على الفور، لم يشكل أي تهديد لهم، لكنهم أطلقوا عليه النار على أي حال".
جاءت هذه الواقعة بعد يوم من إطلاق النار على جنود إسرائيليين لقتل سائق سيارة فلسطيني، للاشتباه في أنه حاول الاقتحام بسيارته نقطة تفتيش عسكرية بالقرب من مستوطنة "ميفو دوتان" غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
حوادث قتل متكررة
أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلت عدة فلسطينيين هذا الشهر، بما في ذلك محمد شوكت سليمة (25 عاماً)، الذي يُزعَم أنه طعن مواطناً إسرائيلياً، وفتى يبلغ من العمر 16 عاماً قُتِل بعد أن صُدِمَت سيارته بنقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية.
وبرّأت دائرة تحقيقات الشرطة الداخلية الإسرائيلية الضابطين اللذين أطلقا النار على سليمة وهو ملقى على الأرض؛ مما يعني أنه لم يشكل أي تهديد مباشر عليهم، بالقرب من باب العامود بالقدس الشرقية المحتلة، وقالت إنَّ قتل الرجل الفلسطيني كان "مبرراً".
وأشاد سياسيون إسرائيليون بضباط الشرطة، وقال رئيس الوزراء نفتالي بينيت إنهم "تصرفوا بسرعة كبيرة وحاسمة، كما هو متوقع من الشرطة الإسرائيلية، ضد إرهابي حاول قتل مواطن إسرائيلي".
تشييع جثمان محمد إلى مثواه الأخير
وشيَّع آلاف الفلسطينيين وسط الضفة الغربية المحتلة جثمان شاب قتله الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء؛ إذ انطلق موكب تشييع الشهيد من مجمع فلسطين الطبي (حكومي) بمدينة رام الله وسط الضفة، إلى مخيم الأمعري في مدينة البيرة شرقي رام الله.
وألقت عائلته نظرة الوداع على جثمانه، ثم أدى المشيعون صلاة الجنازة في مسجد المخيم، وانتقلوا لمقبرة الشهداء في المدينة، حيث وُورِيَ الثرى.
والأربعاء، قالت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، إن "الشاب محمد عيسى عباس وصل مجمع فلسطين الطبي (حكومي) برام الله في حالة حرجة ومصاباً برصاصة في ظهره، حاول الأطباء إنقاذ حياته إلا أنه ارتقى متأثراً بإصابته".
وشارك في تشييع جثمانه مسلحون فلسطينيون ملثمون أطلقوا الرصاص في الهواء، تعبيراً عن غضبهم من قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي له.
ونعت القوى الوطنية والإسلامية لمحافظة رام الله والبيرة (جهة تنسيقية بين كافة الفصائل) الشهيد عباس، وقالت في بيان إن في استشهاده "استمراراً لعمليات القتل التي تأتي بضوء أخضر من حكومة الإرهاب (الإسرائيلية)"، ودعت إلى "تصعيد المقاومة الشعبية باعتبارها خياراً استراتيجياً ضمن كفاح شعبنا المشروع للدفاع عن حقوقه الوطنية المشروعة".
وبين يناير/كانون الثاني ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قتل الجيش الإسرائيلي 68 فلسطينياً وأصاب نحو 13 ألفاً و800 في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة.