تستعد مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس لبدء خطوة تصعيدية جديدة أعلنت عنها قبل يومين، وذلك لمواجهة ما تعتبره "انقلاب رئيس البلاد قيس سعيّد على الديمقراطية".
وتتوقع مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أن تكون هي البديل السياسي لمرحلة ما بعد الرئيس، وذلك إن آتت خطتها التصعيدية الجديدة أُكلها ولو بعد حين، وأن تقسم ظهر الانقلاب الذي تعتبره "منتهياً وذاهباً إلى زوال".
وكانت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" قد أعلنت عن خطة تصعيدية جديدة بعد فضّ الاعتصام بالقوة، في الذكرى 11 لاندلاع شرارة الثورة التونسية، في 17 من ديسمبر/كانون الأول 2021.
وكانت قوات الأمن التونسي قد تدخّلت لمنع محتجين من الاعتصام بشارع الثورة وسط العاصمة، مستعملة بذلك الغاز المسيل للدموع لتفريق المئات من المحتجين.
مواطنون ضد الانقلاب.. البديل السياسي
تعتبر مبادرة مواطنون ضد الانقلاب أنها ستكون البديل السياسي في حال تم رحيل الرئيس قيس سعيّد، بعد الخطوات التصعيدية التي تستعد لاتخاذها رفقة مجموعة من الأحزاب السياسية.
الناشط السياسي ومنسق مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، الحبيب بوعجيلة، قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "البديل السياسي هو عبارة عن خارطة طريق لمرحلة ما بعد قيس سعيد، تتضمن إلغاء الحالة الاستثنائية وكل ما ترتب عليها، والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، وعودة البرلمان ليستكمل تركيز بقية الهيئات الدستورية بعد تعديل نظامه الداخلي".
أيضاً يقول المتحدث إن "خارطة الطريق تتضمن الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وفق برنامج اقتصادي واضح قادر على إيقاف نزيف المالية العمومية".
وأشار المتحدث إلى أن "المبادرة الديمقراطية لـ"مواطنون ضد الانقلاب" ستلتزم وفق خارطة الطريق، بعد التشاور مع المنظمات ومختلف القوى الوطنية، بإطلاق حوار وطني شامل بمشاركة كل الفاعلين السياسيين دون إقصاء".
وأضاف المتحدث أن "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب هي الحل الأنسب لغلق قوس الانقلاب، وهي تشكل بديلاً سياسياً جاهزاً لتحمل المسؤولية في البلاد إذا سقط الانقلاب".
شخصيات المبادرة
قال مصدر خاص لـ"عربي بوست" إن "القائمين على مبادرة مواطنون ضد الانقلاب قد انطلقوا في مشاورات موسعة مع عدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية، على غرار أحزاب التكتل، والتيار الديمقراطي، وحزب العمال، وبصفة غير مباشرة حركة النهضة، وائتلاف الكرامة، من أجل توحيد الصف المعارض للإجراءات الاستثنائية".
وأضاف المصدر أن "المشاورات لن تشمل حزب الدستوري الحر، الذي يُتهم بالتنسيق الخفي مع أطراف خارجية من جهة (الإمارات ومصر)، وقيس سعيد من جهة أخرى، لتوفير كل العوامل التي تساعد على الانقلاب الناعم على التجربة الديمقراطية".
وتابع ذات المصدر أنه "من بين الشخصيات التي قد تشارك في إضراب الجوع للفت أنظار العالم لما يجري في تونس من انقلاب، حمة الهمامي عن حزب العمال، وغازي الشواشي عن التيار الديمقراطي، وعصام الشابي عن الحزب الجمهوري، ورضا بلحاج عن حزب نداء تونس".
وأضاف المصدر أنه "من المرجح أن يكون رئيس البرلمان راشد الغنوشي من ضمن المضربين عن الطعام، مع نائبته سميرة الشواشي، وعدد كبير من النواب قد يفوق 100 نائب".
من جهته يقول الحبيب بوعجيلة في تصريح لـ"عربي بوست" إنه "قريباً سيدخل عدد من النواب في البرلمان التونسي وشخصيات وطنية في إضراب عن الطعام، للفت أنظار العالم لما يجري في تونس من انقلاب".
وأكد بوعجيلة في تصريح أن "الاعتصام الذي قامت به مبادرة مواطنون ضد الانقلاب في ذكرى اندلاع الثورة التونسية كان عملية رمزية، أردنا من خلالها أن نُظهر استعدادنا لمواجهة الانقلاب".
أيضاً اعتبر المتحدث أن "الاعتصام وما رافقه من فضٍّ أمني كشف الطبيعة القمعية لهذا الانقلاب، الذي يسوق للداخل والخارج أنه لن يتخلّى عن باب الحقوق والحريات، لكن أثبتنا من خلال الاعتصام أن الانقلاب يمكن أن يذهب إلى مرحلة القمع".
الهدف هو إسقاط الرئيس
تريد مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أن تجعل من تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، شعلةً تنطلق منها عملية التصعيد في مواجهة الانقلاب، كما كانت انطلاقاً في مواجهة نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
الصغير شامخ، عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة، قال إن "الخطة المعلنة بعد الفض الوحشي للاعتصام عشية 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، هي الخطوط العريضة لخارطة نضالية تشمل أنشطة متنوعة بنسقٍ تصاعدي في مواجهة دكتاتورية متدثرة في شعبوية بائسة".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "إرباك مخططات القائم بأعمال رئاسة الجمهورية بات أمراً ملموساً، فقد ظهر جلياً نجاح تحركات مواطنون ضد الانقلاب في فضح الانقلاب وجعله عارياً أمام أنظار الداخل والخارج".
وأشار المتحدث إلى أن "الهدف ليس هو إجبار قيس سعيد على التراجع عن الإجراءات الاستثنائية، بل الهدف المعلن بوضوح منذ البداية هو رحيل الرئيس، وإلغاء كل ما صدر عن سلطة الأمر الواقع، والعودة إلى سقف الدستور".
جوهر بن مبارك، الناشط السياسي ومنسق المبادرة قال بدوره إن "موجة القمع ضد أي تحرك أو نفس معارض للانقلاب في تصاعد، وهذا يكشف زيف ادّعاءات قيس سعيّد بأنه سيحمي الحقوق والحريات، أحد أهم مكتسبات الثورة التونسية".
وأشار بن مبارك في تصريح لـ"عربي بوست" إلى أن "تاريخ 17/ 18 ديسمبر (كانون الأول) كان ملحمة ومحطة مهمة، كسرنا فيها استحواذ الرئيس على رمزية 17 ديسمبر، سعياً منه إلى تزييف التاريخ، حين اعتبر أن يوم هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، في 14 يناير/كانون الثاني 2011، انقلاب على الثورة".
وأضاف المتحدث أن "الخطة التصعيدية سيكون لها تأثير واضح في تعرية هذا الانقلاب وفضح ممارساته أمام العالم، خاصة بعد هزيمته الاجتماعية لما تحرك الشارع التونسي في بعض المناطق رفضاً للانقلاب، وأيضاً بعد هزيمته السياسية حين تحرك الشارع السياسي المناهض للانقلاب في شارع الثورة، مقابل فشل الانقلاب في تحشيد أنصاره".
من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي سامي الشايب، إن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب تتميز هذه المرة بزخم شعبي، وتعدُّد الفعاليات السياسية في مقابل تراجع داخل حزام الرئيس قيس سعيد، وهذا التراكم يجعل حراك "مواطنون ضد الانقلاب" أقدر على التجميع والتأثير".
وأضاف الشايب في تصريح لـ"عربي بوست": "اليوم حركة مواطنون ضد الانقلاب في تصاعد لافت، واخترقت عدة مربعات جديدة في الخارطة السياسية، وتأثيرها رهين ضغط خارجي قوي يدعم تحركاتها في الداخل والخارج".
وتابع المتحدث "أما داخلياً فإن قرارات الحكومة غير الشعبية المرتقبة على مستوى رفع الدعم جزئياً، وتجميد الأجور، سيكون عاملاً حاسماً إضافة إلى بداية وجود تيار داخل النخب، ينتقد بشدة جمود مبادرة الرئيس، وإقصاءها النخبة، ونبذها الأحزاب والمنظمات".