يعكف كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي خلف الكواليس على "تصحيح" قانون جديد في البوسنة والهرسك يجرِّم إنكار الإبادة الجماعية في سربرنيتسا التي راح ضحيتها 8000 مسلم، بعد أن خلصوا سراً إلى أنه قد يؤدي إلى إشعال صراع جديد في المنطقة.
صحيفة The Guardian البريطانية أشارت الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى أن ميلوراد دوديك، العضو الصربي في القيادة الثلاثية للبوسنة والهرسك، كان قد اتُّهم مؤخراً بالسعي إلى تفكيك البلاد عن طريق فصل الجزء الصربي من المؤسسات على مستوى الدولة.
مخاوف من حرب البوسنة والهرسك
زعم دوديك أن القوى غير متوازنة، وأن القانون الذي فرضه فالنتين إنزكو، الممثل السامي للبوسنة المنتهية ولايته، لإنكار الإبادة الجماعية هذا الصيف، ليس ديمقراطياً وأحد أسباب هذه المشكلة.
كما لاقت تحركات دوديك إدانة واسعة من المجتمع الدولي، الذي يتهمه بجرّ المنطقة إلى حرب، لكن محاضر مسربة كشفت أن المفوض الأوروبي المكلف بالجوار ومفاوضات التوسع، أوليفر فاريلي، خلص إلى أن قانون إنزكو هو المسؤول عن الأزمة الحالية.
خلال اجتماع مع وفد الاتحاد الأوروبي إلى البوسنة، قدم فاريلي- المسؤول عن تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع البوسنة والهرسك- "تقييمه الصريح" بأن إنزكو "هو المسؤول عن الأزمة السياسية الحالية" في البلاد و"نزع الشرعية" عن منصب الممثل السامي.
قانون جديد لوقف المساعي الانفصالية
أشارت المحاضر إلى أن فارهلي قال في الاجتماع يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني: "رغم أنه لا يمكن الطعن في تعديلات إنزكو من منظور جوهر القانون، فحقيقة أنه تم فرضه في اليوم الأخير من ولاية الممثل السامي كانت إشكالية".
كما قال: "وبالنظر إلى أنه كان قراراً مهماً، فكان لا بد أن يستند إلى مناقشة شاملة تضم الجميع. والسؤال الآن: كيف نصحح هذا؟".
أضاف فاريلي، المجري المقرب من رئيس الوزراء اليميني لبلاده فيكتور أوربان، لزملائه المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، أن القيادة المسلمة البوسنية أبدت استعدادها لحل هذه المشكلة باعتماد قانون جديد ربما يُثني دوديك عن مساعيه الانفصالية.
تجدر الإشارة إلى أن الدبلوماسي النمساوي إنزكو فرض قانوناً يعاقب إنكار الإبادة الجماعية بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. وأشار إلى أن رفض مجلس صرب البوسنة سحب الأوسمة الممنوحة لثلاثة من مجرمي الحرب المدانين أحد أسباب هذه الخطوة.
قال فاريلي إن تعديل قانون الإبادة الجماعية من الأمور المهمة لحمل دوديك على الاعتراف بخليفة إنزكو، كريستيان شميت من ألمانيا، الذي قال إن المنطقة تواجه أكبر أزماتها منذ ربع قرن.
"معاقبة منكري الإبادة الجماعية"
دخل قانون "معاقبة منكري الإبادة الجماعية" في البوسنة والهرسك، حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية أواخر شهر يوليو/تموز الماضي.
وفقاً للقانون فإن كل شخص يحاول إنكار أو التقليل من شأن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المثبتة في المحاكم الدولية أو محكمة البوسنة والهرسك أو تبريرها، يمكن أن يحكم عليه بالسجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات.
كما ينص القانون على معاقبة كل من يحرّض على الكراهية والعنف ضد العرق أو اللون أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي، بالسجن من 3 أشهر إلى 3 سنوات.
ينص القانون أيضاً على السجن لمدة 3 سنوات على الأقل لكل من يقوم بتوزيع الملصقات والمنشورات والكتيبات المتعلقة بالجرائم المذكورة، أو يكافئ ويمجّد ويمنح الشوارع والساحات والطرقات والجسور والأحياء بأسماء المدانين بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
يشار إلى أن الممثل السامي في البوسنة والهرسك فالنتين إنزكو، أقر في 23 يوليو/تموز الجاري، تغييرات على تشريعات البلاد لحظر إنكار الإبادة الجماعية في البلاد عام 1995، وتحديد عقوبة لذلك بالسجن تصل إلى 5 سنوات.