طالب متظاهرون "مناهضون للعنصرية" في كل أنحاء فرنسا، السبت 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، بتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، خوفاً من "صعود أفكار اليمين المتطرف الفرنسي"، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/نيسان 2022.
برزت مخاوف المهاجرين واللاجئين في فرنسا مع ارتفاع أسهم بعض المرشحين للرئاسة الفرنسية المعروفين بتبني أفكار متطرفة، ومعاداتهم للمهاجرين، في مقدمتهم اليميني المتطرف إيريك زمور، وإريك سيوتي، النائب الفرنسي اليميني المتطرف عن حزب "الجمهوريين"، إضافة إلى زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان.
مخاوف المهاجرين قبل الانتخابات الرئاسية
شارك قرابة 7500 شخص في 43 تظاهرة في كل أنحاء البلاد، من بينهم 2300 في باريس وفقاً للشرطة، وردَّدوا هتافات "حرية، مساواة، أوراق ثبوتية".
قالت فيرونيك هولبيك (61 عاماً)، وهي من سكان منطقة باريس لوكالة الأنباء الفرنسية: "أنا هنا لدعم المهاجرين غير الشرعيين الذين يعملون في ظروف لا تحتمل".
أضافت "يريدوننا أن نصدق أننا تعرضنا للغزو، لكن الحقيقة هي أنهم هنا للعمل وللمساهمة في النشاط الاقتصادي، لا داعي لإساءة معاملتهم وحرمانهم من الحقوق".
من جانبه، أوضح المالي سيسيه لاسانا، المشارك في المسيرة، أنه كان يعمل في فندق ليلا قرب برج إيفل. وأضاف "أعمل هنا منذ سبع سنوات، هذا كثير، أريد الحصول على أوراق ثبوتية، لأن لدي الحق في نيلها".
كانت عشرات المنظمات والجمعيات والنقابات دعت إلى تنظيم تظاهرات في إطار حملة "مناهضة للعنصرية وموحدة"، تهدف إلى إطلاق صوت "بديل لليمين المتطرف".
رأى دينيس غودار، أحد المسؤولين عن تنظيم التظاهرات، أن "وضع المهاجرين غير الشرعيين يزداد سوءاً، لكن الجو السياسي هو الذي يدور حول مقترحات (اليميني المتطرف إريك) زيمور". وأضاف "نريد أن نظهر أن البديل موجود، وأن البداية يجب أن تنبعث من المجتمع المدني".
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
تضع استطلاعات الرأي التي تُجرى في فرنسا، استعداداً للانتخابات الرئاسية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المقدمة بـ25% من الأصوات، في انتظار اكتمال قائمة المرشحين.
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة السوربون، لويك بلونديو، أن الشعب الفرنسي يثق إلى حد كبير في استطلاعات الرأي التي تقدمها معاهد الإحصاء، بغض النظر عن تَوجُّهها السياسي.
يذهب الأستاذ إلى أبعد من ذلك بقوله إن فرنسا هي الديمقراطية الوحيدة في العالم التي يُمكن فيها التنبؤ بهوية الرئيس القادم، عبر متابعة نتائج استطلاعات الرأي.
يعزو الأستاذ بلونديو ذلك إلى التداول الواسع لنتائج الانتخابات في وسائل الإعلام الفرنسية، إذ لا تكاد تخلو منها نشرات الأخبار ومقالات الصحف، ما يخلق تأثيراً متبادلاً بين هذه النتائج وبين الفرد الفرنسي الذي لا يُحبّذ المفاجأة.
قال المتحدث إن "الناخب الفرنسي يذهب لصناديق الاقتراع لِيُدليَ بصوتِه وهو على معرفة تامّة بنتائج الانتخابات، وبما سَتُفرِزه الصناديق".
تقدم اليمين المتطرف الفرنسي
يضع المحلل السياسي المعروف كريستوف باربيي فصيل "اليمين المتطرف الفرنسي" في مقدمة الجبهات السياسية الأوفر حظاً في الوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات الفرنسية.
كان الكاتب والصحفي اليميني المتطرف إريك زمور قد أحدث زوبعة في صفوف هذا الفصيل، بعد أن تحدثت عدة تقارير صحفية عن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.
يُشَبِّه المحلل السياسي حالة إريك زمور بما شهدته الانتخابات الأمريكية للعام 2016، وذلك بعد أن أعلن حينها رجل الأعمال المثير للجدل دونالد ترامب ترشحه للانتخابات.
قال المتحدث إن "إريك زمور استغلّ صدور أحدث كتاباته بعنوان "فرنسا لم تَقُل كلمتها الأخيرة بعد"، والذي تصدّر مبيعات الكتب في فرنسا، للقيام بجولة شعبية قادته إلى عدة مدن فرنسية، التقى خلالها جَمْعاً غفيراً من المعجبين والمؤيدين.
أشار المتحدث إلى أن هذه التحركات التي يقوم بها اليمين المتطرف الفرنسي، عكَسَتها استطلاعات الرأي التي تضعه في المرتبة الثانية، خلف الرئيس الفرنسي ماكرون، هذا الأمر يُعزز من ثقته بنفسه، ويجعله يؤمن بحظوظه في بلوغ الدور الثاني.