وصل آلاف المتظاهرين السودانيين، الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول 2021، لأول مرة إلى أبواب قصر الرئاسة في العاصمة الخرطوم، للتعبير عن رفضهم لاتفاق سياسي وقَّعه قائد الجيش ورئيس الوزراء، وللمطالبة بحكم مدني كامل، فيما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت بشكل مكثف.
المحتجون تجمعوا في البداية على مسافة أقل من كيلومتر من القصر، مرددين هتافاً يقول: "الشعب أقوى والتراجع مستحيل". ثم ركضوا إلى الشوارع الجانبية لحماية أنفسهم من الغاز المسيل للدموع.
لاحقاً، انطلق المتظاهرون الذين احتشدوا بكثافة إلى القصر الرئاسي، بينما يواجهون إطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت التي فشلت في ردهم، حتى نجحوا في الوصول إلى أبواب القصر الرئاسي.
تقدم المتظاهرين
فيما انسحبت قوات الشرطة مع تقدم المتظاهرين إلى محيط القصر الرئاسي، مقر قائد الجيش، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان.
بحسب شهود عيان، تمكن المحتجون من عبور جسر يربط مدينة أم درمان بوسط الخرطوم، على الرغم من إغلاق قوات الأمن للجسور فوق نهر النيل التي تؤدي إلى العاصمة.
كما رأى شهود المحتجين يعبرون جسراً من بحري (شمالي) الخرطوم إلى العاصمة.
في حين تسلق متظاهرون نافورة مياه منصوبة أمام البوابة الجنوبية للقصر الرئاسي ولوَّحوا بأعلام السودان وعلامة النصر.
حتى الآن، لم ترد تقارير بعد عن وقوع إصابات أو اعتقالات.
"بشائر النصر"
من جهته، قال تجمع "المهنيين السودانيين" (قائد الحراك الاحتجاجي)، عبر صفحته بـ"فيسبوك": "لاحت بشائر النصر. الثائرات والثوار يعبرون الحواجز ويقتحمون محيط القصر الجمهوري"، داعياً "جميع الثوار للالتحاق بالتجمع في محيط القصر، وإغلاق كل الطرق المؤدية للقصر بالمتاريس".
تابع التجمع: "على القوات النظامية التزام جانب شعبها وردع أي محاولة لضرب التجمع السلمي. لا عاصم اليوم إلا الانصياع لإرادة وعزم الثورة الظافرة، وإعلان تسليم السلطة كاملة لقوى الثورة".
في وقت سابق الأحد، أطلقت قوات الشرطة قنابل صوتية وعبوات غاز مسيل للدموع، لتفريق محتجين أمام القصر الرئاسي.
بينما رد المتظاهرون آنذاك بإلقاء حجارة على قوات الشرطة، وكسروا الحواجز الأمنية وعبروا جسري "النيل الأبيض" الرابط بين الخرطوم ومدينة أم درمان غربي العاصمة، و"المنشية" الرابط بين الخرطوم ومدينة شرق النيل، للوصول إلى وسط الخرطوم.
في السياق، خرج متظاهرون، الأحد، في مدن عطبرة والدامر ودنقلا والبرقيق وكريمة (شمال) ومدني والمناقل (وسط) والضعين ونيالا وزالنجي (غرب) وكوستي والأبيض (جنوب) وبورتسودان وحلفا الجديدة (شرق) وسنار (جنوب شرق).
كانت السلطات الأمنية قد أغلقت عشية المظاهرات معظم جسور ولاية الخرطوم، مستخدمة الحواجز الأسمنتية والأسلاك الشائكة.
وانتشرت قوات أمنية، منذ الصباح الباكر، على متن دوريات وحاملات جنود وسط الخرطوم، منعاً لتسلل المتظاهرين إلى محيط القيادة العامة للجيش.
تأتي هذه الاحتجاجات تزامناً مع إحياء الذكرى السنوية الثالثة للاحتجاجات التي أطلقت انتفاضة شعبية أدت إلى الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير. وهذه تاسع مرة تُنظم فيها مظاهرات حاشدة احتجاجاً على الإجراءات الأخيرة التي شهدتها البلاد.
يشار إلى أنه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقَّع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي.
إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره "محاولة لشرعنة الانقلاب"، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.