كشفت عدة مصادر دبلوماسية إسرائيلية في الأيام الأخيرة أن إدارة بايدن وضعت قضية عنف المستوطنات على مستوى التهديد نفسه الذي ينطوي عليه البرنامج النووي الإيراني في مناقشاتها مع المسؤولين الإسرائيليين.
صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية قالت نقلاً عن مصدر دبلوماسي كبير في تل أبيب إن "الأمريكيين بدوا مهووسين بإثارة قضية (عنف المستوطنين) طوال الوقت"، حسب الرواية الإسرائيلية.
وعندما كان بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، في واشنطن الأسبوع الماضي لمناشدة الأمريكيين اتخاذ موقف أشد صرامة ضد إيران، أصر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على تكريس قدرٍ مماثل من الوقت لمناقشة قضية المستوطنات، وهو ما وجدته مصادر دبلوماسية إسرائيلية مُربكاً.
وخلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي لواشنطن أخبره بلينكن بأن النشاط الاستيطاني للحكومة الإسرائيلية "يدمر أي فرصة لحل الدولتين"، ومع ذلك فقد قال مصدر إسرائيلي آخر مطلع على تفاصيل زيارة غانتس لواشنطن إن وصف الاجتماع على هذا النحو "وصف غير دقيق"، وإن اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي كان ودياً وتناول في أغلبه المسائل المتعلقة بإيران.
وأضاف المصدر أن "مواضيع أخرى، مثل القضية الفلسطينية، نُوقشت، لكنها لم تكن محور الاجتماع"، وقال المصادر إن اجتماعات غانتس مع وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، سارت سيراً أكثر سلاسة. ومن المقرر أن يأتي مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى إسرائيل يوم الأربعاء المقبل 22 ديسمبر/كانون الأول لإجراء محادثات تتعلق بإيران.
يأتي الحديث عن "الهوس" الأمريكي بقضية المستوطنات بعد انتقادات حادة تعرض لها وزير الأمن العام الإسرائيلي، عومر بارليف، من رئيس الوزراء نفتالي بينيت وشخصيات أخرى من اليمين الإسرائيلي بسبب حديثه عن عنف المستوطنين مع وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند.
ونشر بارليف صورة لمقابلته مع نولاند، موضحاً أن "من بين الموضوعات التي أبدت الاهتمام بها كان قضية عنف المستوطنين والطرق الممكنة لتقليل التوترات الإقليمية وسبل تدعيم السلطة الفلسطينية".
من جانب آخر، قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي بارز إن العنف يمثل مشكلة حقيقية، لكنه اعترض على قدر الاهتمام الممنوح له في المناقشات مع الأمريكيين، ومع تسمية "عنف المستوطنين". وأضاف: "نحن بحاجة إلى حل هذه المشكلة. فهي مشكلة حقيقية. لكن الأمريكيين يواصلون الضغط، وهذا الأمر لا يساعدنا".
من جهة أخرى، زعم مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس رداً على تقرير صحيفة The Jerusalem Post أن "الاجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن كان إيجابياً ومثمراً. وأن الحوار ركَّز في المقام الأول على التحديات الإقليمية مع إيران، وأن ذلك الموضوع كان على رأس جدول الأعمال".
وتتعامل الحكومة الإسرائيلية مع ما تعتبره أحداث عنف محدودة يرتكبها المستوطنون على أنها مشكلة تخضع لإنفاذ القانون، في حين تتعامل مع قضية إيران النووية على أنها تهديد وجودي لإسرائيل، ولهذا السبب تقول المصادر الدبلوماسية الإسرائيلية إنها شعرت بالارتباك مما بدا لهم أولويات مختلفة لوزير الخارجية الأمريكي في الاجتماع مع غانتس.
في غضون ذلك، تستمر المفاوضات بين القوى العالمية وإيران في فيينا سعياً إلى عودة واشنطن وطهران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني.