أعلن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن الحكومة، التي تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد، اقترحت خفض فاتورة أجور الموظفين في القطاع العام بنسبة 10%، مؤكداً أن الاتحاد يرفض هذه المقترحات.
موقف أكبر تنظيم نقابي في تونس، يأتي في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية كبيرة بالموازاة مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، وذلك على خلفية قرارات الرئيس قيس سعيد الجديدة، والتي وصفتها أحزاب بأنها "إجراءات انقلابية جديدة".
فقد أعلن سعيد، الإثنين 13 ديسمبر/كانون الثاني، قرارات جديدة أبرزها استمرار تجميد اختصاصات البرلمان لحين إجراء تنظيم انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/كانون الأول من العام المقبل 2022.
نور الدين الطبوبي، وفي تصريح نقلته وكالة "رويترز" للأنباء أضاف أن الحكومة التي تقول في العلن إنها قادرة على الوفاء بكل الالتزامات للشعب، تخبرنا في الاجتماعات المغلقة أنه ليس لديها أموال حتى لدفع الرواتب.
وتجري تونس مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويل لعله يخفف من أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.
في وقت سابق، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي إن الحكومة تأمل في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في الربع الأول من العام المقبل.
كما أضاف أن الاتفاق مع الصندوق سيكون مؤشراً جيداً للغاية على أن تونس ستبدأ في إصلاحاتها وقد يعزز النمو.
من جهتها، قالت وزيرة المالية سهام البوغديري في مؤتمر اقتصادي إن تونس بعيدة عن إعادة جدولة ديونها في إطار نادي باريس على الرغم من الصعوبات المالية.
إضرابات وشلل في قطاع حيوي
فقد نفذ موظفو شركة السكك الحديدية في تونس، الأربعاء 1 ديسمبر/كانون الأول 2021، إضراباً عن العمل تسبب في تعطل حركة القطارات بالعاصمة ومحيطها، بسبب تأخر صرف أجورهم.
قالت الشركة في بيان، إن "سير القطارات تعطل على كامل شبكتها بكامل الشبكات بالخطوط الدّاخلية (العاصمة تونس) والحضرية (محيط العاصمة)، نتيجة التوقف الفجائي للعمل من قبل اﻷعوان (موظفي الشركة)". وأضافت الشركة: "يتم العمل حالياً على فض هذا الإشكال لاستئناف النسق العادي للنشاط".
من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد العام التّونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في تصريح لإذاعة "موزاييك" (خاصة)، إن "عدم صرف أجور موظفي الشركة يشكل خطراً كبيراً".
اعتبر الطبوبي أن "المفتاح الحقيقي لإصلاح المؤسسات العمومية والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي هو الإصلاح السّياسي"، في إشارة إلى "التدابير الاستثنائية" التي بدأها الرئيس قيس سعيد في يوليو/تموز 2021.
قال الطبوبي: "اليوم نحن بصدد الانغلاق على أنفسنا والعمل على إنتاج شعارات وبطولات وهمية وخطابات رنانة ومناكفات شخصية ووهمية". وحذّر رئيس الاتحاد التونسي للشغل من "انزلاق البلاد إلى مزيد التأخر والخطر".
موظفون دون رواتب
شهر أكتوبر الماضي، لم تصرف الحكومة التونسية رواتب شريحة من الموظفين العموميين عن شهر العمل السابق، رغم مرور أكثر من 10 أيام على استحقاقها، بينما عزا خبراء هذا التأخير إلى العجز في موازنة الدولة، في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها البلاد.
يبدأ الشهر لأغراض احتساب الراتب في تونس يوم 16 من الشهر وينتهي في 15 من الشهر الذي يليه، ويصرف بعد 3 أيام (18 من كل شهر)، وهذا ثالث شهر يتأخر فيه صرف رواتب لموظفين عموميين عن موعدها.
فقد أبلغ عدد من العاملين في سلك التعليم للأناضول عدم تلقيهم رواتبهم عن الشهر من 16 سبتمبر/أيلول حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول، حتى الآن.
في السياق نفسه، أرجع الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، في تصريح للأناضول، التأخر في صرف الرواتب للعجز في ميزانية الدولة.
كما أوضح الخبير الاقتصادي أن من بين الحلول المطروحة لإيجاد السيولة اللازمة طباعة العملة لشهر واحد، رغم خطورة تبعات هذه الخطوة، وخصوصاً ارتفاع التضخم في البلاد.
أزمة سياسية خانقة
فقد اعتبرت حركة "النهضة" التونسية، الثلاثاء، أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس قيس سعيد، "خطوة أحادية لا تلزم سواه"، مؤكدةً رفضها "للإجراءات الانقلابية" التي أقدم عليها.
رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس الحركة، قال لوكالة "الأناضول": "ما زلنا نرى أن رئيس الجمهورية الذي علق الدستور يعمل خارج الشرعية الدستورية وبمعزل عنها، وتماديه في وضع خارطة للمرحلة القادمة دون استشارة الفاعلين السياسيين بما في ذلك مجلس النواب يعتبر خطوة أحادية ولا تلزم سواه".
كما أضاف: "نحن ما زلنا نُعبِّر عن رفضنا للإجراءات الانقلابية، وعن دعوتنا للرفع الفوري لتعليق الدستور وعمل مجلس النواب، ولا نرى حلاً خارج ما يفرضه القانون والدستور من إجراءات".
وأردف الشعيبي: "سنستمر في تصدينا للانقلاب ضمن تنسيق سياسي ومدني واسع ندعو له كل الأطراف التي نتقاطع معها في هذه الرؤية ونثبت مطالبنا في استئناف المسار الديمقراطي وقطع الطريق على الحكم الفردي المطلق، كما ننبه للمخاطر الاقتصادية والاجتماعية على استقرار الشعب التونسي وعلى قدرة مؤسسات الدولة على الإيفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية".
بخصوص انتقادات سعيد لكل الرافضين لقراراته بما في ذلك الذين ساندوا إجراءات 25 يوليو/تموز في البداية، قال الشعيبي: "إن استخفاف رئيس الجمهورية بكل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين يزيد من عزلته".
قبل أن يتابع قائلاً: "ما صدر عنه أمس (الإثنين) من استهداف لكل مكونات المجتمع التونسي له دلالة واضحة على حالة العزلة السياسية التي يعاني منها (الرئيس)".
وزاد: "بل إن تمادي الرئيس في هذه السياسة الانعزالية إلى حد الإساءة لعلاقاتنا الخارجية وسياسات التعاون الدولي التي سلكتها تونس مع شركائها زاد على عزلته الداخلية عزلة دولية وسيكون لها أثر خطير على وضع تونس الاقتصادي والاجتماعي وحتى على مستوى حضورها الدولي والإقليمي".