قالت مقالة افتتاحية في موقع إخباري صيني تديره الدولة إنَّ أعضاء الحزب الشيوعي ملزمون بإنجاب ثلاثة أطفال من أجل مصلحة البلاد، في الوقت الذي تسعى فيه بكين لمعالجة انخفاض معدلات المواليد، وبهدف الحد من الأزمة الديموغرافية التي تعانيها، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 10 ديسمبر/كانون الأول 2021.
فيما انتشرت المقالة الافتتاحية، التي نُشِرَت لأول مرة في الشهر الماضي، على نطاق واسع هذا الأسبوع، وقوبلت برد فعل حاد من مستخدمي الإنترنت الصينيين، وحظيت بملايين المشاركات والآراء والتعليقات.
مع تصاعد موجة رد الفعل، اختفى المقال الأصلي من الموقع الحكومي الذي يسمى China Reports Network.
حيث ذكرت تلك المقالة أنَّ كل عضو في الحزب الحاكم- الذي يبلغ عدد أعضائه نحو 95 مليوناً "يجب أن يتحمل مسؤولية والتزام النمو السكاني للبلاد، وأن يتصرف وفقاً لسياسة الأطفال الثلاثة".
المقالة أضافت: "لا يجوز لأي عضو في الحزب أن يستخدم أي عذر موضوعي أو شخصي لعدم الزواج أو الإنجاب، ولا يمكنه استخدام أي عذر لإنجاب طفل أو طفلين فقط".
رغم أن هذه المقالة قد حُذِفت على ما يبدو، لكن نُشِرَت لقطات شاشة له على نطاق واسع، ويقال إنَّ علامات الهاشتاغ المرتبطة بها شوهدت ملايين المرات.
سياسة الأطفال الثلاثة
من جهته، قال أحد المُعلّقين على Weibo، المنصة الشبيهة بتويتر في الصين: "على الرغم من ظهور سياسة الأطفال الثلاثة، إلا أنَّ العديد من الأشخاص ليس لديهم الظروف أو القدرة أو المال أو الوقت لرعاية الأطفال، وخاصة النساء، اللائي يتعين عليهن العودة إلى المنزل مبكراً، وهذا سيجعل المزيد من الشركات لا تريد توظيف النساء! ألا ينبغي أن يكون المجتمع متوازناً في التنمية؟ متى كان إنجاب ثلاثة أطفال قاعدة إلزامية؟".
بينما حذّر البعض من أنَّ الرسالة التي تتضمنها الافتتاحية قد تضر بثقة الناس في الحزب الحاكم.
كما تابع أحد المعلقين: "كان اضطلاع أعضاء الحزب بدور ريادي تقليداً رائعاً من حزبنا، وصمد أمام العديد من اختبارات التاريخ"، متابعاً: "لكن تأثير هذا الرأي العام السلبي، مثل غيره من الآراء العامة، يمكن أن يتغير بسهولة من اتهامات لشبكة China Reports Network إلى مقاومة سياسة الأطفال الثلاثة وهز الثقة في الحكومة".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصينية أعلنت، في بيان صدر يوم الإثنين 31 مايو/أيار 2021، عقب اجتماع المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم برئاسة الرئيس شي جين بينغ، أنها ستسمح لكل زوجين بإنجاب ثلاثة أطفال، موضحة أن القرار "جزء من سياسية إصلاح شاملة لمواجهة تحديات ارتفاع معدلات الشيخوخة، وانخفاض معدلات المواليد".
أزمة ديموغرافية
إذ تزيد أعمار أكثر من 18% من السكان عن 60 عاماً، وفقاً لتعداد 2020. وأظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني في البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني أنَّ هناك 8.5 مولود لكل 1000 شخص في عام 2020، وهي المرة الأولى منذ عقود التي ينخفض فيها الرقم إلى أقل من 10 مواليد. وفي عام 1978، كان الرقم أكثر من 18 لكل 1000.
على إثر ذلك، نفذ الحزب الشيوعي مجموعة من الإجراءات استجابةً لذلك، بما في ذلك تخفيف القيود طويلة الأمد على إنجاب الأطفال، وتخفيف التكاليف المرتبطة بالتعليم وتربية الأطفال، والإعانات المالية للطفلين الثاني والثالث، واستحداث فترات "تهدئة" إلزامية لحالات الطلاق، لكنها لم تأتِ إلا بتأثير محدود.
يشار إلى أنه في عام 2016 تراجعت الصين عن سياسة إنجاب الطفل الواحد، بسبب إلحاح مشكلة شيخوخة المجتمع، حيث اعتمدت سياسة إنجاب طفلين بدلاً من واحد، لاستعادة الحيوية المجتمعية، وتعويض نقص العمالة.
كانت التوقعات تشير إلى أن العدد الإجمالي للسكان سيصل إلى مليار و450 مليون نسمة بحلول 2029 مع تطبيق سياسة الطفلين.
فيما يبلغ عدد سكان الصين حالياً ملياراً و411 مليوناً و778 ألفاً و724 نسمة، حسب تعداد 2020، وهو ارتفاع طفيف عن تعداد العام 2019، والذي بلغ ملياراً و398 مليون نسمة.
جدير بالذكر أن الحكومة الصينية بدأت بتطبيق سياسة الطفل الواحد في 1979، بهدف الحد من تزايد السكان وتحقيق التنمية الاقتصادية.