لقاء خاص ومفصلي في مسار إعادة بناء العلاقات بين المملكة العربية السعودية ولبنان، ذاك الذي دار بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد سلمان.
ووصل ماكرون إلى السعودية، السبت 4 ديسمبر/كانون الأول 2021، حيث كان باستقباله الأمير محمد بن سلمان، قادماً من قطر، بعد أن التقى أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وذلك في زيارة للمملكة هي الأولى منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول.
كشفت مصادر دبلوماسية خليجية لـ"عربي بوست"، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بإصرار، إجراء اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال لقائهما في الرياض، بعد ظهر السبت.
حمل ماكرون معه إلى السعودية اقتراحاً بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، عبر إعادة السعودية سفيرها إلى لبنان، في مقابل عودة السفير اللبناني إلى السعودية، على أن يسري الأمر نفسه على كل دول الخليج.
السعودية لا تريد قطع العلاقات..
الموقف السعودي فيما يتعلق بلبنان كان واضحاً منذ البداية، حيث تؤكد السعودية، مراراً، أنها لا تريد للبنان أن يبتعد عن محيطه العربي، وأنها في سبيل ذلك مستعدة لمساعدته والتعاون مع حكومة ميقاتي، إذ كانت دائماً شريكاً لكل الحكومات المتعاقبة في بيروت.
ووفقاً للمصدر فإن بن سلمان أكد لماكرون أن على المسؤولين اللبنانيين أن يكونوا على قدر المسؤولية في القيام بإجراءات الإصلاح السياسي والإقتصادي والمالي اللازمة للحصول على ثقة المجتمع الدولي والدول العربية.
وبعد هذه الإصلاحات سيكون هناك استعداد سعودي لدعم لبنان ومساعدة حكومته، خصوصاً بعد تعديل السياسة الخارجية التي تتلاقى مع المصالح العربية ولا تتعارض معها كما كان يجري في السنوات الماضية، من خلال وقوف لبنان مع إيران عندما استهدفت قِبل جماعات إرهابية تدعمها طهران، الأمن القومي الخليجي أكثر من مرة.
ماذا دار في لقاء ماكرون-بن سلمان؟
مصدر دبلوماسي خليجي رفيع المستوى قال لـ"عربي بوست"، إن لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سيؤدي إلى مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية.
استطاع ماكرون إقناع بن سلمان بوقف الإجراءات التصعيدية ضد لبنان، وإعادة ترتيب العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وبيروت.
ويؤكد المصدر أن بن سلمان وخلال نقاش الملف اللبناني مع ماكرون، كان واضحاً بجملة من الأمور التي لا يمكن للمملكة التنازل عنها وهي: ضمان عدم وقوف لبنان الدبلوماسي في مواجهة الدول العربية، وتغيير السلوك المعتمد في إدارة الحكومات المتعاقبة، والعمل على إجراء إصلاحات شاملة، إضافة إلى الأخذ في الاعتبار هواجس السعودية والدول الخليجية إزاء قيام أطراف لبنانية بزعزعة الأمن القومي الخليجي عبر دعم ميليشيات مسلحة وتهريب المخدرات للسعودية.
ووفقاً للمصدر فإن ماكرون تعهد لمضيفه (بن سلمان) بأن ترعى باريس حواراً لبنانياً يتضمن نقاشاً حول ملفات إصلاحية تراعي هواجس الدول العربية الأخرى، وأنه سيجري اتصالات مع كل القوى، ومن ضمنها حزب الله، مشدداً بقوله: "ونحن هنا لحل الأزمة ومساعدة لبنان على الخروج من النفق المظلم".
تحرُّك عربي داعم
وتشير مصادر دبلوماسية أوروبية لـ"عربي بوست"، إلى أن تواصلاً فرنسياً حصل مع عدد من الدول العربية، بينها مصر وقطر ودول أخرى، بهدف تهدئة التصعيد السعودي تجاه لبنان، خصوصاً بعد استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
وكان ماكرون بحث مع أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إمكانية أن تشارك الدوحة في المساعي التي سيجري إطلاقها لإعادة لبنان إلى علاقاته الطبيعية مع الدول العربية، خاصةً السعودية. ومن جانبه، أكد أمير قطر جاهزية بلاده للعب دور "تصالحي" يُعيد العلاقة بين لبنان وأشقائه العرب، وأنه سيوفد وزير خارجيته الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى بيروت للقاء المسؤولين في لبنان.