تصدّر حزب جبهة التحرير الوطني (حزب بوتفليقة) نتائج الانتخابات المحلية في الجزائر (المجالس البلدية والولائية) ليؤكد مرة أخرى سيطرته على المشهد السياسي.
ورغم أن البلاد عرفت حراكاً شعبياً طالب بحل حزب بوتفليقة والأحزاب المتحالفة معه، فإنه عاد بقوة في الانتخابات التشريعية والمحلية، ليثبت أن قواعده متجذرة في أوساط الجزائريين، كما صرح أمينه العام أبو الفضل بعجي، خلال الحملة الانتخابية.
وضمنت جبهة التحرير وحلفاؤها السيطرة على المشهد السياسي لخمس سنوات قادمة، في إعادة لسيناريو 2017.
وتعد الانتخابات المحلية في الجزائر آخر محطة في طريق تجديد المؤسسات المنتخبة بعد حلها جميعاً بعد الحراك الشعبي وإسقاط بوتفليقة.
الأحزاب التقليدية تتصدر
حصل حزب الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة على 5978 مقعداً في المجالس البلدية من أصل 24 ألف مقعد تمت المنافسة عليها، كما حصل على 471 مقعداً في المجالس الولائية من أصل 2300 مقعد.
كما حصل حليفه، التجمع الوطني الديمقراطي، وحزب الوزير الأول الأسبق وذراع بوتفليقة اليمنى أحمد أويحيى على المرتبة الثانية بـ4584 مقعداً بلدياً و366 مقعداً ولائياً.
ونال الأحرار الداعمون للرئيس عبد المجيد تبون 4430 مقعداً في المجالس البلدية و434 مقعداً ولائياً.
وحل حزب جبهة المستقبل رابعاً بعدما حصل على 3262 مقعداً بلدياً، و304 مقاعد ولائية.
وجاءت حركتا البناء ومجتمع السلم في المرتبتين الخامسة والسادسة توالياً بأكثر من 1800 مقعدٍ بلدي وأكثر من 300 مقعدٍ ولائي.
سيطرة حزب بوتفليقة
يرى المحلل السياسي مولود صياد أن سيطرة حزب جبهة التحرير الوطني على الانتخابات المحلية في الجزائر وقبلها التشريعية أمر طبيعي، بالنظر إلى القواعد التي يملكها الحزب.
وقال صياد لـ"عربي بوست" إن حزب بوتفليقة يملك تمثيلاً في كل بلديات الوطن بالنظر إلى تاريخه الكبير، فضلاً عن تفرده بالمشهد السياسي سنوات الحزب الواحد (1962/1989).
وأضاف المتحدث أن الأحزاب المعارضة وشباب الحراك لم يستطيعوا تنظيم أنفسهم لمواجهة جبهة التحرير ويحتاجون إلى سنوات طويلة للانتصار عليه.
ويعتقد صياد أن من يريد الإطاحة بحزب بوتفليقة عليه أن يبدأ التخطيط والعمل من الآن إلى غاية الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة التي ستكون نهاية 2026.
ماذا تعني الانتخابات المحلية في الجزائر؟
قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في ندوة صحفية بعد تصويته في الانتخابات المحلية قبل أيام، إن المجالس الولائية والبلدية هي الخلية الأولى للدولة، وتتمثل أهمية الفوز بالانتخابات المحلية في شقين؛ شق اجتماعي، وشق تشريعي.
أما الاجتماعي فيرتبط بكون المجالس البلدية والولائية المؤسسات المنتخبة الوحيدة التي لها احتكاك مباشر ويومي بالمواطن، وهي المسؤولة المباشرة على الأوضاع الاجتماعية والحياة اليومية للجزائريين.
لذلك في الغالب تعرف مقرات البلديات والولايات احتجاجات وغلقاً من طرف المواطنين في الأزمات المتعلقة بالسكن والطرقات والإنارة والماء والغاز وغيرها.
وفيما يخص الشق التشريعي فيتعلّق بانتخابات مجلس الأمة (الغرفة العليا من البرلمان).
ويُجدد المجلس كل ثلاث سنوات نصفه عن طريق الانتخابات، ويسمح فقط للمنتخبين المحليين (أعضاء المجالس الولائية والبلدية) بالترشح والتصويت في هذه الانتخابات.
ويعد مجلس الأمة أعلى سلطة تشريعية في البلاد، بحيث تمر عليه كل القوانين بعد موافقة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى من البرلمان)، وله الحق في تمريرها أو رفضها، وفي حال قرر عدم تمريرها فتعاد مناقشتها وتعديلها مرة أخرى في المجلس الشعبي الوطني.
ويتشكل المجلس من 144 عضواً يُعين الرئيس ثلثه، فيما يتنافس المنتخبون المحليون على 96 مقعداً، ويتجدد نصف المجلس كل 3 سنوات، بينما عدد سنوات العهدة كاملة 6 سنوات.
نكسة الإسلاميين
تراجعت نتائج أكبر حزب إسلامي في البلاد، حركة مجتمع السلم، في الانتخابات المحلية في الجزائر على عكس ما حققه في الانتخابات التشريعية من نتائج مهمة.
وجاءت نكسة الحركة بداية في عدم قدرتها على المنافسة في جميع البلديات التي يبلغ عددها 1541 بلدية، حيث نافست في قرابة 30٪ من البلديات فقط، وذلك بسبب قانون الانتخابات الجديد الذي يفرض عدداً كبيراً من التوقيعات للمشاركة في جميع المجالس البلدية.
وانتقدت الحركة قانون الانتخابات واعتبرته مكبلاً للأحزاب ويخدم أحزاب السلطة أكثر من غيرها، في إشارة إلى جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
من جانبه، ورغم تحصيلها أرقاماً أفضل من الانتخابات المحلية في الجزائر السابقة، فإن حركة البناء الوطني التي حل رئيسها عبد القادر بن قرينة ثانياً في الانتخابات الرئاسية خلف تبون لم تحقق مقاعد في المجالس الولائية والبلدية تعكس خطاب قياداتها.
نهاية مرحلة
بالإعلان عن نتائج انتخابات المجالس الولائية والمجالس البلدية تكون الجزائر قد أنهت مرحلة وصفها عبد المجيد تبون بمرحلة بناء المؤسسات الشرعية.
ومنذ وصول تبون إلى السلطة نهاية 2019، أجرت الجزائر استفتاء حول تعديلات دستورية وانتخابات تشريعية وانتخابات محلية في محاولة لإعادة تجديد المؤسسات، لكن جميع الاستحقاقات المذكورة كان لها نقطة مشتركة واحدة هي نسبة المشاركة المتدنية.
وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء الدستوري 23٪ بينما لم تتعدّ 30٪ في الانتخابات التشريعية، ووصلت إلى 36٪ في الانتخابات المحلية.
ويرى مراقبون أن نسب المشاركة الضعيفة تشير إلى عدم إيمان قطاع واسع من الشعب الجزائري بشعار التغيير الذي ترفعه السلطة، لا سيما أن كل الانتخابات التي أجريت خلال السنتين الماضيتين أعادت إنتاج نفس الأحزاب.