شارك آلاف التونسيين، الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في مظاهرة حاشدة بالشارع المحاذي لمقر البرلمان، وسط العاصمة، للتنديد بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز الماضي، فيما قمعت قوات الأمن متظاهرين حاولوا الوصول لمبنى البرلمان.
جاءت المظاهرة تلبيةً لدعوة مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" لتنظيم وقفة احتجاجية، دفاعاً عن الشرعيّة الدستورية والبرلمانية وتضامناً مع السلطة القضائية "ضد محاولات التركيع والهيمنة".
بحسب مراسل الأناضول وشهود عيان، أزاح عدد من المحتجين الحواجز الأمنية، التي تم وضعها في محيط البرلمان محاولة منهم للوصول إليه بعد أن منعهم الأمن من ذلك، ولم يتمكنوا من الوصول للمقر بالفعل.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بحرية التعبير و"إسقاط الانقلاب"، وبالعودة للمؤسسات الشرعية، ومنددة بالمسار الذي انتهجه سعيد على شاكلة "يسقط الانقلاب"، و"ارحل"، و"الشعب يريد ما لا تريد".
كما شهدت ساحة باردو ومحيط البرلمان حضوراً أمنياً كثيفاً، حيث انتشرت عدة تشكيلات أمنية، حالت دون وصول المتظاهرين للساحة.
والسبت، اتهمت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" سلطات البلاد بتعطيل وصول مواطنين إلى العاصمة للمشاركة في الاحتجاجات التي دعت إلى خروجها الأحد.
تأسست مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، المؤلفة من نشطاء وحقوقيين ومواطنين، تزامناً مع إعلان سعيد تلك الإجراءات "الاستثنائية"؛ كتحرك رافض لها.
اعتصام أمام البرلمان
فيما قال عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، جوهر بن مبارك، إنهم "لن يبارحوا" مكانهم حتى رفع جميع الحواجز الأمنية، وفتح الطريق أمام المحتجين للوصول إلى مقر البرلمان.
تابع بن مبارك في كلمته أمام المحتشدين: "أصبحت في تونس ساحتان.. ساحة المناضلين وساحة الانقلاب"
كما طالب "بإطلاق سراح كافة الموقفين"، مشددا على أنّ " التحركات الاحتجاجية التي سيخوضونها مستقبلا ستكون في تونس العاصمة وباقي المدن وفي الخارج أيضا".
بدوره، قال رضا بلحاج، مدير الديوان الرئاسي سابقا (في عهد الرئيس السابق الباجي قائد السبسي) في كلمة له أمام المحتجين، إن "الانقلاب يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو معزول داخلياً وخارجياً".
من جانبه، قال عبد الرزاق الكيلاني، العميد السابق للمحامين التونسيين: "جئنا اليوم للتعبير عن مواقفنا الرافضة للانقلاب الذي أعلن عنه سعيّد".
وتابع الكيلاني، الذي أقاله سعيد في 25 يوليو/ تموز 2021 من رئاسة الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثّورة والعمليات الإرهابية: "خلال 100 يوم قام سعيّد بسجن المعارضين والمدونين وانتهاك حرمات المنازل".
تحذير من انفجارات اجتماعية
يأتي ذلك في الوقت الذي حذَّر فيه الأمين العام المساعد لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، سمير الشفي، السبت، من أن الوضع الاجتماعي في بلاده "صعب جداً، وينذر بانفجارات اجتماعية".
جاء ذلك في تصريح قال فيه إن "التنكّر للوضع الاجتماعي بتعلة (بذريعة) صعوبة الوضع الاقتصادي مقاربة فاشلة، ولا يمكن أن تؤدي إلّا إلى المزيد من الأزمات والانفجارات الاجتماعية".
لفت الشفي إلى أن "الاتحاد (أكبر منظمة عمالية في تونس) كان من القُوى التي اعتبرت أن قرارات 25 يوليو/تموز الماضي، كانت نتيجة طبيعية لفشل عشرية كاملة وتنكرها لاستحقاقات الثورة وتطلعات الشعب، في بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية العادلة ومحاربة الفساد وتأمين الشغل لمُستحقيه".
المسؤول التونسي شدد أيضاً على "ضرورة وجود مقاربة تشاركية لإعادة بناء الوطن والخيارات والتوجهات"، وأكد أن "اتحاد الشغل يتطلع إلى حوار وطني وحقيقي تشارك فيه كل القوى المؤمنة بالتغيير".
قرارات سعيّد الاستثنائية
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حين بدأ رئيسها قيس سعيّد اتخاذ إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتشكيل أخرى جديدة عَيَّنَ هو رئيستها.
فيما ترفض غالبية القوى السياسية في تونس قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي.
وخلال سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، شهدت العاصمة التونسية تحركات احتجاجية شارك فيها الآلاف للتنديد بقرارات سعيّد، الذي بدأ في 2019 ولاية رئاسية مدتها 5 سنوات.
وسط ذلك، يشهد الاقتصاد التونسي العديد من الصعوبات، حيث بلغ عجز الميزانية 2.63 مليار دينار (947.1 مليون دولار) في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، وتحتاج تونس إلى تعبئة موارد إضافية بقيمة تتجاوز 10 مليارات دينار (3.59 مليارات دولار) حتى نهاية العام 2021.