بينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قال سياسيون وقادة مجموعات مسلحة ومراقبون إن المحاولة ستلحق ضرراً كبيراً بالفصائل الشيعية المدعومة من إيران، ووصفوا محاولة اغتيال الكاظمي بأنها "غبية وغير محسوبة العواقب".
فجر الأحد 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نجا مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال فاشلة، بواسطة "طائرة مسيّرة مفخّخة"، استهدفت مقرّ إقامته في بغداد، فيما ردّ عليه الكاظمي بالدعوة إلى "التهدئة وضبط النفس"، وصرح بأنه "يعرف المهاجمين وسيلاحقهم".
حالة تأهب قصوى في بغداد
بحسب ما صرح به قادة أمنيون وسياسيون مقربون من الكاظمي لموقع Middle East Eye البريطاني، فإن رئيس الوزراء العراقي لم يصب بجروح، كما كانت بعض وسائل الإعلام أفادت عقب الهجوم، بل إنه لم يكن في منزله وقت الهجوم، وقالوا إنه كان يستخدم منذ عدة أسابيع مقراً بديلاً للإقامة خارج المنطقة الخضراء.
بينما وضعت السلطات العراقية مباشرة بعد محاولة اغتيال الكاظمي قوات الأمن في حالة تأهب قصوى ونشرت مزيداً من القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب في محيط المنطقة الخضراء والأحياء المجاورة. وفي غضون ذلك، انتشرت الطائرات الحربية باستمرار في الأجواء.
في المقابل، لم يعلن أي فصيل مسلح مسؤوليته عن الهجوم. لكن نهاية الأسبوع الماضي، كانت "عصائب أهل الحق"، وهي جماعة شيعية قوية شبه عسكرية، توعدت بـ"معاقبة"الكاظمي رداً على مقتل أحد قادتها مساء الجمعة 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
بينما قتل القيادي بالرصاص خلال مواجهة بين قوات الأمن وأنصار العصائب المحتجين على نتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، والتي جاءت نتائج مرشحي الجماعات المسلحة وحلفائها فيها سيئة.
الفصائل الشيعية في قفص الاتهام
في غضون ذلك، قال سياسيون وقادة فصائل ومسؤولون عسكريون لموقع MEE إنه بصرف النظر عمن هو المسؤول، فإن وطأة الاتهامات بخصوص محاولة اغتيال الكاظمي سيشتد وقعها على عاتق الفصائل الشيعية المدعومة من إيران، والتي يُتوقع أن تدفع الثمن.
إلى ذلك ذهب زعيم شيعي بارز مقرب من إيران لموقع MEE، قائلاً: "كانت العملية غبية وغير محسوبة، ولا فائدة من ورائها لأحد.. لا العراق استفاد ولا الفصائل ولا إيران. عملية سخيفة زادت المشهد تعقيداً عما كان عليه بالفعل".
كما أضاف: "إنه خطأ فادح سيدفع ثمنه الجميع، لقد أرادوا الانتقام من الكاظمي، لكن النتيجة كانت إحراج قادة الفصائل وتعميق عزلتهم سياسياً واجتماعياً. فقد حاز الكاظمي تعاطفاً محلياً ودولياً كبيراً، في حين أنها الآن على وشك فقدان مستقبلها السياسي بالكامل".
إنكار محاولة اغتيال الكاظمي
استهجنت الغالبية العظمى من القوى السياسية والقادة العراقيين محاولة اغتيال الكاظمي، واصفة إياه بأنه "سابقةٌ تجاوزت الخطوط الحمراء" المرسومة بين الأطراف المتنافسة في العراق.
نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق الذي أخذ يوثِّق علاقات قوية له بالفصائل والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران منذ خسارتهم الفادحة في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي، أدان الهجوم وأصدر بياناً يحمل توبيخاً شديداً، ودعا إلى معالجة الخلافات "بحكمة وروية، بعيداً عن العنف".
كذلك فعلت "الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية"، وهو كيان يضم مجموعة من أبرز الفصائل المسلحة الشيعية، فقد وصفت الهجوم بأنه "استهداف للدولة العراقية"، لكنها زعمت أيضاً أنه هجوم مصطنع لخلط الأوراق ومحاولة الالتفاف على المطالبات بإجراء تحقيق عادل لمحاسبة قتلة المتظاهرين في احتجاجات الجمعة.
جاء في بيان الهيئة أن "صناعة حادثةٍ كهذه لن تمنعنا من إصرارنا على معاقبة الجناة ولا سيما المتورطين الكبار في إراقة دماء الأبرياء من المتظاهرين السلميين".
أضاف: "نحذر من مسلسل يحتوي مزيداً من هذه الأفعال التي تهدف إلى إرباك الشارع العراقي وتمشية نتائج الانتخابات المزورة".
من جهته، قال قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، إنه إذا ثبت استهداف الكاظمي، فعلى الناس أن يتذكروا تحذيراته السابقة من نيَّة أطراف مرتبطة بجهات مخابراتية بقصف المنطقة الخضراء وإلقاء التهمة على فصائل المقاومة.
أما أبو علي العسكري، القيادي بكتائب حزب الله العراقية، وهو الفصيل المسلح الأشد عداءً للكاظمي، فادَّعى باستخفاف أن أياً من الفصائل لم يكن ليكلِّف نفسه خسارة طائرةٍ مسيّرة على منزل من وصفه برئيس وزراء سابق.