قالت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن القوميين الهندوس يستغلون خسارة فريق بلادهم في أول كأس للعالم لرياضة الكريكيت أمام غريمه التقليدي، وهو الفريق الباكستاني، في مواصلة استهداف المسلمين، حيث تجاوزت خسارتهم الخط من الرياضة إلى القومية والكراهية الدينية.
فقد واجه اللاعب محمد شامي، البالغ من العمر 31 عاماً، الرامي السريع والمسلم الوحيد في الفريق، سيلاً من الإساءات عبر الإنترنت من القوميين الهندوس الذين اتهموه بتعمُّد اللعب بشكل سيئ لإهدار 43 رمية في 3.5 جولة بكأس العالم "تي 20" في دبي أواخر الشهر الماضي، وقالوا إنه "خائن" ويجب ترحيله.
ثم تعرَّض كابتن الفريق، فيرات كوهلي، وهو هندوسي، لمزيد من الإساءات بعدما هبّ للدفاع عن زميله في الفريق. وقال كوهلي في مؤتمر صحفي لدعم الشامي: "مهاجمة شخص ما بسبب دينه، من أكثر الأشياء إثارة للشفقة التي يمكن أن يفعلها الإنسان. هناك سبب وجيه، لأننا نلعب في الملعب وليس بعض الضعفاء على الشبكات الاجتماعية الذين ليست لديهم الشجاعة للتحدث فعلياً إلى أي فرد وجهاً لوجه".
هجمات متزايدة ضد المسلمين
هذه الهجمات هي الأحدث في سلسلة طويلة ضد المسلمين بالهند والمدافعين عنهم، والتي يغذّيها صعود القومية الهندوسية في حزب بهاراتيا جاناتا برئاسة ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي.
كما أنه في حادثة أخرى تتعلق بالمباراة نفسها، أقيل العديد من المسلمين، ومن ضمنهم مدرس وطلاب وموظفون من كلية الطب في كشمير، وطُرِدوا واعتُقِلوا بزعم احتفالهم بانتصار باكستان.
من جهته، قال يوغي أديتياناث، رئيس وزراء ولاية أوتار براديش وحليف مودي، إنَّ أي شخص يهتف لباكستان سيُتَّهَم بالتحريض على الفتنة.
يُذكر أن لعبة الكريكيت لطالما كانت نقطة اشتعال للجدل حول الدين والقومية، وتزيد الجماعات الهندوسية من التدقيق في الرياضة وغيرها من مجالات الثقافة الشعبية؛ بحثاً عن علامات "عدم الحساسية" تجاه عقيدتهم.
بدوره، ذكر الخبير السياسي عاصم علي، لصحيفة The Financial Times: "هذا يدل على قومية مُتصفة بجنون العظمة التي تبحث عن أعداء. والكريكيت يوفر الاختبار اللاذع لإثبات حب الوطن… الأمر كله يتعلق باستخدام الأحداث الكبيرة لتوصيل رسالة، مفادها أنَّ ولاء المسلمين دائماً ما يكون موضع تساؤل. لا يمكنك الوثوق بوطنية المسلمين".
كما أشار المؤلف وكاتب العمود بارسا فينكاتيشوار راو جونيور، إلى أن "الحروب الثقافية ضد المسلمين تُشَن عبر طيف واسع اجتماعياً وثقافياً وسياسياً أيضاً بغرض إسكات أصواتهم في المجال العام. إنَّ هذه الهجمات مبتذلة وليس لها أي محتوى فكري على الإطلاق".
فيما يؤكد محللون سياسيون أنَّ الاستقطاب بين الهندوس والمسلمين في كل مجالات الحياة تقريباً كان طبيعياً لبعض الوقت، في ظل حكومة مودي، لكنه زاد قبل الانتخابات. هذه المرة، حزب بهاراتيا جاناتا مهووس بانتخابات أوتار براديش في فبراير/شباط، والتي ستمثل الهزيمة فيها نكسة كبيرة.
أما المعلق الاجتماعي سانتوش ديساي فرأى أنَّ الحملة قد بدأت بالفعل وبدأت الجماعات الهندوسية في حشد الناس على أساس معسكر الهندوس في مواجهة معسكر المسلمين. وكلما زاد حزب بهاراتيا جاناتا من غضب الهندوس وانزعاجهم من "إهانة" عقيدتهم أو ثقافتهم، تأكَّدوا من تصويتهم للحزب.
ديساي تابع: "ما ستراه الآن هو ملاحظة استفزازية تلو الأخرى صادرة عن وزراء حزب بهاراتيا جاناتا أو المتصيدين من الحزب، والغرض من ذلك هو تعبئة الهندوس ضد عدو مشترك، أي المسلمين".
كانت اشتباكات متكررة قد وقعت بين البلدين الجارين (الهند وباكستان) على مدى السنوات، وكانت أحدث مواجهة في 2019 عندما شنت مقاتلات هندية غارة على باكستان، بسبب هجوم من جماعات إسلامية في الشطر الهندي من كشمير أودى بحياة 40 شرطياً.
إلا أنه في أرض الملعب، عادةً ما يتعانق أفراد الفريقين ويتبادلون الأحاديث الودية بعد المباريات.
كما ذكرت وسائل إعلام باكستانية أن احتفالات صاخبة بالفوز جرت في مدن باكستانية وأجزاء من الشطر الهندي في كشمير الذي تقطنه أغلبية مسلمة ويمثل محور التوتر بين البلدين.
محاولة منع صلاة الجمعة
في غضون ذلك، تضغط الجماعات الهندوسية على السلطات منذ أسابيع في مدينة غورغاون الشمالية خارج نيودلهي؛ لمنع المسلمين من أداء صلاة الجمعة في الأماكن المفتوحة.
ويتهم منتقدون حزب رئيس الوزراء بهاراتيا جاناتا بـ"اضطهاد الأقليات بما في ذلك الأقلية المسلمة بالبلاد" التي تعد 22 مليون نسمة.
لكن حكومة مودي ترفض اتهامها بأن لديها أجندة هندوسية، وتشدد على أن الهنود من جميع الديانات لديهم حقوق متساوية.
في هذا الإطار، تعرضت مساجد ومنازل ومتاجر للمسلمين بولاية تريبورا الهندية، لهجمات وأعمال تخريب، على يد "عصابات هندوسية متطرفة".
كانت أعمال العنف ضد المسلمين قد تجددت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد مظاهرة نظمتها منظمة "فيشوا هندو باريشاد" (المجلس الهندوسي العالمي)، تخللتها خطابات تحريضية.
أيضاً في 27 أكتوبر/تشرين الأول، كشف بيان نشرته جمعية حماية الحقوق المدنية "APCR" المحلية عن تعرُّض 16 مسجداً على الأقل لأضرار على يد "عصابات هندوتفا المتطرفة"، وأن العديد من المنازل والمتاجر التابعة للمسلمين جرى حرقها.