حصل تعهّد بالتخلص التدريجي من الفحم على دعم 23 دولة جديدة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الخميس 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لكن لم تنضم إليه أكثر الدول استخداماً لأكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة، في أول فشل للجهود الرامية إلى إحداث "تغيير حقيقي" يضمن توقف الاحتباس الحراري وآثاره المدمرة على الكوكب.
قمة المناخ المنعقدة حالياً في اسكتلندا تأمل في إيجاد طرق للبقاء في نطاق هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، لكن ظهر جلياً مدى صعوبة هذا التحدي بعد صدور دراسة تظهر أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة.
تعد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الفحم أكبر العوامل المساهمة في تغير المناخ. واستغناء العالم عن الفحم أمر حيوي لتحقيق أهداف المناخ العالمية.
دول كبرى خارج التعهد
ولم تنضم إلى التعهد بالتخلي عن الفحم دول مثل أستراليا والهند والولايات المتحدة والصين التي تملك نحو نصف المصانع العاملة التي تعتمد في عملها على الفحم حول العالم وتخطط لبناء المزيد.
وانخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون 5.4% في 2020 مع توقف أنشطة اقتصادية، لكن تقريراً جديداً صدر عن مشروع الكربون العالمي توقع قفزة 4.9% في الانبعاثات هذا العام.
وقال كبير معدي التقرير بيير فريدلينجستاين، الباحث في النماذج المناخية بجامعة إكستر "كنا نتوقع حدوث قفزة ما… ما أثار دهشتنا هو قوة هذه القفزة وسرعتها".
فيما شكل التقرير جرس إنذار للقادة في قمة المناخ بشأن التحدي المتمثل في منع الاحترار العالمي من تجاوز حد 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
تقول الأمم المتحدة إن تجاوز 1.5 درجة مئوية سيؤدي إلى تأثيرات مناخية أكثر كارثية من العواصف وموجات الحر والجفاف والفيضانات التي شهدها العالم بالفعل.
فيما قال ألوك شارما، الرئيس البريطاني للقمة التي تستمر أسبوعين، في سياق استعراض التعهد بالتخلص التدريجي من محطات الطاقة القائمة التي تعمل بالفحم والتوقف عن بناء محطات جديدة: "أعتقد أنه يمكننا القول إن نهاية الفحم باتت في مرمى البصر".
أضاف أن التعهد غير الملزم "وقعت عليه 77 دولة… من بينها 23 دولة تعهدت بإنهاء العمل بالفحم للمرة الأولى".
ووافقت الدول الأكثر ثراء على التخلي عن توليد الطاقة بالفحم بحلول الثلاثينيات من القرن الحالي، أما الدول الأفقر فتستهدف تحقيق ذلك بحلول الأربعينيات. وقالت بولندا إنها تستهدف الوفاء بهذا الالتزام في الأربعينيات بعد أن تعهدت في السابق بوقف استخراج الفحم في 2049. ولم توافق إندونيسيا على جزء من التعهد يتعلق بإنهاء التمويل لمحطات الفحم الجديدة.
وتنتج الطاقة التي تعمل بحرق الفحم اليوم أكثر من ثلث كهرباء العالم. ويعتمد العديد من البلدان النامية حالياً على الفحم الرخيص الذي يمكنها الوصول إليه لدعم اقتصاداتها، تماماً مثلما فعلت البلدان المتقدمة منذ الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر وما بعدها، على الرغم من التكاليف التي تتحملها البيئة والصحة العامة.
لا مجال للاحتفال
قالت وكالة الطاقة الدولية، وهي جهة مراقبة عالمية في قطاع الطاقة، إن التعهدات بالوصول إلى انبعاثات صفرية صافية والوعود بخفض الميثان التي أعلن عنها في قمة المناخ ستمكن العالم، في حال تنفيذها، من الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين.
وكتب الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول على تويتر: "يُظهر التحليل الجديد للوكالة أن تحقيق جميع التعهدات بالوصول إلى انبعاثات صفرية صافية التي قطعت حتى الآن والتعهد العالمي بالحد من الميثان من قبل أولئك الذين وقعوا عليه سيحد من الاحتباس الحراري إلى 1.8 درجة مئوية".
لكن سيلوين هارت، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعمل المناخي، شكك في أرقام بيرول.
وقال هارت في جلاسجو: "فاتح، لقد سمعت أرقامك. ولكن استناداً إلى المساهمات المحددة وطنياً التي تم تقديمها، فإن العالم في طريقه صوب تسجيل 2.7 درجة… وهذا طريق كارثي".
وأضاف: "لذلك نحن بعيدون جداً عن الحفاظ على هدف 1.5 درجة المنصوص عليه في اتفاقية باريس. لا يمكننا أن نشعر بالرضا عن أنفسنا. لا يمكننا الاحتفال قبل أن نؤدي المهمة".
فجوة في التمويل
فيما قال برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إن الدول الفقيرة تحتاج ما بين خمسة إلى عشرة أضعاف الأموال التي تحصل عليها الآن للتكيف مع تداعيات تغير المناخ.
وفشلت الدول الغنية في الوفاء بالموعد النهائي المحدد في عام 2020 لتقديم 100 مليار دولار سنوياً "لتمويل أنشطة مكافحة تغير المناخ".
كما أثيرت تساؤلات حول التمويل المطلوب للالتزام بتعهدات اتفاقية الفحم لقمة المناخ، والتي قالت بعض الدول إنها لن تكون قادرة على الوفاء بها دون الحصول على المزيد من المساعدة المالية.
وقال وزير المالية الإندونيسي سري مولياني إندراواتي: "نحتاج إلى تمويل للتخلي عن الفحم إلى التقاعد مبكراً وبناء منشآت جديدة للطاقة المتجددة". والدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا هي أكبر مصدر للفحم في العالم، وتعتمد عليه لتوليد 65% من طاقتها.
من جانبها، قالت صناديق استثمارات المناخ إن إندونيسيا ستكون أيضاً من بين أول المستفيدين من برنامج رائد بقيمة مليارات الدولارات لتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، بجانب الهند وجنوب أفريقيا والفلبين.
والهدف الرئيسي من قمة المناخ هو الحصول على وعود بتخفيضات كافية فيما يتعلق بانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لوضع العالم على طريق واضح المعالم نحو الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية التي زادت بالفعل 1.1 درجة مئوية مقترنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.