قالت صحيفة New York Times الأمريكية، في تقرير نشرته الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن مقاطع فيديو التُقِطَت بواسطة كاميرات مراقبة أظهرت طفلاً واحداً على الأقل قبل نحو دقيقتين من شنِّ الجيش الأمريكي غارة بطائرةٍ مسيَّرة على موقعٍ في كابول، العاصمة الأفغانية، في أغسطس/آب 2021، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
لكن الجنرال الذي أجرى التحقيق في الضربة الجوية الأمريكية، التي أقرَّ الجيش بأنها قتلت بالخطأ 10 مدنيين، بينهم سبعة أطفال، قال إن مقاطع الفيديو التي تُظهِر وجود طفل كان من السهل أن تفوِّته في الوقت الفعلي.
انتهاك للقانون
خلص التحقيق الذي أجراه المفتش العام للقوات الجوية، اللواء سامي ضياء سعيد، إلى عدم وجود انتهاكاتٍ للقانون، فيما لم يوصِ بأيِّ إجراءٍ تأديبي. ألقى اللواء سعيد باللوم على سلسلةٍ من الافتراضات، على مدار ثماني ساعاتٍ، عندما كان المسؤولون الأمريكيون يتعقَّبون سيارة تويوتا كورولا بيضاء عبر مدينة كابول، للتسبُّب في ما سماه "تحيُّز التأكيد"، مِمَّا دَفَعَ إلى تنفيذ غارة 29 أغسطس/آب 2021
قال اللواء، الأربعاء، خلال إفادةٍ غير سرية بشأن التقرير، لوسائل الإعلام في البنتاغون: "كان هذا التقييم مدفوعاً في الأساس بالتفسير، وللأسف لم يكن التقييم التفسيري دقيقاً".
بينما أقرَّ الجنرال سعيد، بأن الجيش لديه مقطع فيديو يُظهِر طفلاً في الموقع قبل دقيقتين من الإطلاق، قال إنه غير متأكِّدٍ مِمَّا إذا كان أيُّ شخصٍ لا يبحث بالتحديد عن طفلٍ في المقطع كان سيلاحظ وجوده.
قال: "في مراجعتين مستقلَّتين أجريتهما، كان الدليل المادي على وجود الطفل واضحاً في غضون دقيقتين". غير أنه أضاف مستدركاً: "لكنه ليس واضحاً بنسبة 100%؛ عليك أن تبحث عنه كي تجده".
خسائر في صفوف المدنيين
يبذل الجانب الأمريكى جهداً لتجنُّب وقوع خسائر في صفوف المدنيين. وكان من المُرجَّح أن ملاحظة وجود الطفل في منطقة الضربة من شأنها أن تؤدِّي، على الأقل، إلى مزيدٍ من النظر في ما إذا كان هناك ما يبرِّر تقييماً أشمل للهدف.
قال اللواء إن المخطِّطين للضربة "كان لديهم اعتقادٌ حقيقي بوجود تهديد وشيك على القوات الأمريكية". وأقرَّ بأن ذلك كان "خطأً"، وأضاف مستدركاً: "لكن ليس إهمالاً".
أصرَّ اللواء سعيد على أنه يجب النظر في الضربة بسياق اللحظة، التي كان فيها المسؤولون الأمريكيون في حالةٍ قصوى من الحذر بعد تفجيرٍ انتحاري في مطار كابول قبل ذلك بثلاثة أيام، أسفر عن مقتل 170 مدنياً و13 من الجنود الأمريكيين.
قدَّم التحقيق عدة توصيات لإصلاح العملية التي تصدر من خلالها أوامر إطلاق الضربات، وضمن ذلك تطبيق إجراءاتٍ جديدة لخفض خطر "تحيُّز التأكيد"، ومراجعة إجراءات ما قبل الضربات المُستخدَمة في تقييم وجود مدنيين.
أمر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، بمراجعة التحقيق الأوَّلي للجيش في غارة الطائرة المسيَّرة؛ لتحديد من يجب أن يخضع للمساءلة، و"الدرجة التي يجب فيها تغيير سلطات الأمر بالضربات والإجراءات والعمليات المستقبلية"، من بين أمورٍ أخرى.
غارة بطائرة مسيَّرة
تبيَّن أن كلَّ شيءٍ تقريباً أكَّده كبار مسؤولي الدفاع في الساعات والأيام والأسابيع التي تلت غارة الطائرة المسيَّرة، كانا زائفاً. والمتفجِّرات التي ادَّعى الجيش أنها حُمِّلَت في صندوق السيارة البيضاء، التي أُصيبَت بصاروخٍ من طراز "هيلفاير" من الطائرة المسيَّرة، كانت على الأرجح زجاجات مياه. وقال مسؤولون إن انفجاراً ثانوياً في فناءٍ بحيٍّ مُكتظٍّ بالسكَّان في كابول، حيث وَقَعَ الهجوم، ربما كان غاز البروبان أو خزَّان غاز.
كان سائق السيارة البيضاء التي ضربتها الطائرة الأمريكية المُسيَّرة، يُدعَى زيماري أحمدي، وكان يعمل في منظمة التغذية والتعليم الدولية، وهي منظمة إغاثةٍ مقرها ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
قال الجنرال كينيث ماكينزي جونيور، قائد القيادة المركزية، في مؤتمرٍ صحفي، في سبتمبر/أيلول 2021، إن الضربة نُفِّذَت بـ"إيمانٍ عميق" بأن تنظيم الدولة الإسلامية كان على وشك شنِّ هجومٍ آخر على مطار حامد كرزاي الدولي.
منذ ذلك الحين، قدَّم البنتاغون مدفوعات تعويض غير مُحدَّدة لأسر المدنيين العشرة، ومن ضمنهم الأطفال السبعة، الذين قُتِلوا بغارة الطائرة المسيَّرة في 29 أغسطس/آب2021.