تراجع المجلس الأوروبي عن حملة لتعزيز التنوع بين النساء ودعم حرية ارتداء الحجاب، بعدما أثارت هذه الجهود احتجاجاً شديداً من قبل فرنسا.
يعد المجلس الأوروبي واحدة من أقدم الهيئات السياسية في أوروبا، ويهدف إلى ترقية حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون، وأنشطته منفصلة عن الاتحاد الأوروبي، لكنها تتلقى تمويلاً جزئياً من الاتحاد.
الاتحاد الأوروبي شارك في تمويل الحملة التي أطلقها المجلس الذي يتخذ من ستراسبورغ مقراً له، الأسبوع الماضي عبر الإنترنت، لكنها أثارت حفيظة اليمين المتطرف في فرنسا.
ضمن جهود الدعاية الخاصة بالحملة، أظهرت الصور المنتشرة على تويتر فتاتين مبتسمتين مقسمتين إلى نصفين مدمجين معاً، حيث ظهرت إحداهما بشعر مكشوف والأخرى ترتدي الحجاب.
هجوم فرنسي
مضت فعاليات الحملة في البداية من دون أي مشاكل، قبل أن يهاجمها اليمين المتطرف في فرنسا.
حيث كتب المرشح المحتمل اليميني إريك زمور: "الإسلام عدو الحرية، هذه الحملة هي عدو الحقيقة". وتتوقع بعض استطلاعات الرأي وصول زمور إلى جولة الإعادة الثانية ضد ماكرون.
وقالت مارين لوبان، الزعيمة اليمينية، والمنافس الرئيسي لماكرون في انتخابات عام 2017، إن "هذه الحملة الأوروبية للترويج للحجاب الإسلامي فضيحة وغير لائقة، في وقت تحارب فيه ملايين النساء بشجاعة هذا الاستعباد".
وقالت وزيرة الدولة المسؤولة عن شؤون الشباب في فرنسا سارة الهيري إن حملة المجلس أصابتها بصدمة.
وأوضحت في تصريح لقناة "إل سي آي" (LCI)، الثلاثاء، أن مقطع الفيديو الخاص بالحملة كان يشجع على ارتداء الحجاب، وأن هذا يتعارض مع القيم الفرنسية.
كما قالت: "ندين هذا الأمر، وفرنسا أبلغت رفضها حملة المجلس الأوروبي".
خضوع للضغط
من جانبه، قال المجلس الأوروبي في تصريح لـ"بي بي سي": "إن التغريدات المرتبطة بالحملة أزيلت، ونفكر في طريقة أخرى لعرض المشروع".
وذكر المتحدث باسم المجلس أن التغريدات هي جزء من حملة ضد الكراهية، ينظمها قسم الإدماج ومحاربة التمييز في المجلس الأوروبي.
وأوضح المتحدث باسم المجلس الأوروبي أن "العبارات المستعملة مستوحاة من تصريحات أدلى بها مشاركون في ورشتي عمل حول حرية لبس الحجاب".
وأضاف أن الرسالة لا تعكس موقف المجلس الأوروبي، أو موقف أمينته العامة ماريا بيتشينوفيتش بوريتش.
ودافعت رئيسة فيميسو هنده تانر، الأربعاء عن الحملة، قائلة إن الحملة "مستمرة"، أما بخصوص سبب إزالة التغريدة "فلا يمكنني الحديث باسم المجلس الأوروبي".
وأضافت: "من المحزن أن يتهجم سياسيون على جهود شباب من الأقليات، ويسعون لتحطيمها".
وتابعت: "رد الفعل هو دليل آخر على أن حقوق النساء المسلمات غير موجودة، عند أولئك الذين يدعون تمثيل أو حماية مفاهيم مثل الحرية والمساواة".
وأصبح اندماج المسلمين في المجتمع قضية سياسية في فرنسا في السنوات الأخيرة، فالبلاد تؤوي أكبر جالية مسلمة في أوروبا يبلغ عددها قرابة 5 ملايين نسمة، وكانت فرنسا في 2011 أول بلد أوروبي يحظر ارتداء غطاء الوجه في الأماكن العامة.