أودع نواب جزائريون لدى رئاسة البرلمان، الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي لبلادهم (1830– 1962)، بالتزامن مع أزمة متصاعدة بين الجزائر وباريس.
إذ قال زكريا بلخير، منسق مشروع القانون، إنه "تم إيداع الوثيقة لدى لجنة المبادرات التشريعية والبرلمانية في رئاسة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، وعليه توقيع أكثر من 100 نائب (من أصل 407)".
بلخير أوضح أن "الخطوة اللاحقة ستكون عقد اجتماع للجنة المبادرات برئاسة البرلمان لدراسة المشروع والحسم في مصيره بتحويله إلى الحكومة للنظر فيه"، لافتاً إلى أن "النواب الموقعين على المشروع ينتمون لتيارات سياسية مختلفة".
فيما يتكون مشروع القانون من ستة أبواب و54 مادة، وورد في مادته الـ23 أن "الدولة الجزائرية تعمل على إلزام السلطات الفرنسية بتقديم اعتذار للشعب الجزائري عما لحقه من أذى خلال الفترة الاستعمارية".
في حين تنص المادة 49 على أن "الدولة الجزائرية تلتزم بعدم إبرام أي اتفاقية مع فرنسا حتى استيفاء شروط الاعتراف بجرائمها الاستعمارية". وترفض باريس تقديم اعتذار رسمي.
"تمجيد الاستعمار الفرنسي"
كما يقترح المشروع- في باب الأحكام الجزائية- عقوبة بين 6 شهور إلى سنتين سجناً نافذاً بحق كل جزائري يقوم بتمجيد الاستعمار الفرنسي بأي وسيلة من وسائل التعبير.
يشار إلى أنه في عام 2009، باءت بالفشل محاولة نواب جزائريين لسن قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي، وذلك لأسباب مجهولة، فيما قال معارضون إن النظام السابق، برئاسة عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) قام بتجميده لأسباب سياسية.
إلا أنه في حال قبول الحكومة لمشروع القانون الحالي، سيُطرح للتصويت في البرلمان، ويدخل حيز التنفيذ إذا حصل على مصادقة 50%+1 من النواب.
يتزامن إيداع المشروع مع أزمة متصاعدة مع فرنسا، بعد تصريحات لرئيسها إيمانويل ماكرون، الذي اتهم السلطات الجزائرية بأنها "تكنُّ ضغينة لفرنسا"، وطعن في وجود أمة جزائرية قبل استعمار فرنسا للجزائر، متسائلاً: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟!".
بينما ردَّت الرئاسة الجزائرية، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بإعلان استدعاء سفير الجزائر في باريس للتشاور؛ احتجاجاً على هذه التصريحات، التي قالت إنها "مسيئة"، وتمثل "مساساً غير مقبول" بذاكرة أكثر من 5 ملايين مقاوم قتلهم الاستعمار الفرنسي.
أيضاً أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية العاملة ضمن عملية "برخان" في منطقة الساحل الإفريقي.
كذلك يتزامن مشروع القانون مع إحياء الجزائر الذكرى 67 لاندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954.
جدير بالذكر أن ماكرون أدان، السبت 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، الحملة الدموية التي شنّتها بلاده على المتظاهرين الجزائريين في باريس قبل 60 عاماً، واصفاً إياها بأنها "جريمة لا تُغتفر ولا مبرر لها"، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها لرئيس فرنسي.