دعا مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول 2021، الجيش السوداني إلى عدم استخدام العنف بأي شكل من أشكال ضد المحتجين، لافتاً إلى أن "المظاهرات المقررة، السبت، ضد استيلاء العسكريين على السلطة، ستكون اختباراً لنوايا الجيش من الآن فصاعداً".
المسؤول، الذي تحدث للصحفيين، وطلب عدم نشر اسمه، أضاف أن واشنطن تشعر بالارتياح للسماح لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالعودة إلى منزله، لكنه لا يزال رهن الإقامة الجبرية ولا يمكنه مواصلة عمله.
فيما أكد المسؤول أن "واشنطن تطالب قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان باتخاذ خطوات لإعادة الحكومة (المدنية)"، مشيراً إلى أن سعي السودان للحصول على عشرات المليارات من الدولارات من تخفيف عبء الدين لن يتحقق إذا واصل الجيش محاولات قيادة البلاد منفرداً.
كما عبَّر عن تفهم أمريكا لما وصفه بالتشكك في أوساط المدنيين السودانيين فيما يتعلق بالعمل مع البرهان، الذي قال إنه يحاول "إعادة عقارب الساعة إلى الوراء" في البلاد.
في حين أوضح المسؤول الأمريكي أن قادة السودان العسكريين لم يشيروا على الإطلاق لأي نية للاستيلاء على السلطة خلال لقائهم بالوفد الأمريكي الذي التقى بالبرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، ومعهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قبل سيطرة الجيش على السلطة في السودان.
كان معارضو الانقلاب في السودان قد دعوا إلى مظاهرات حاشدة، السبت، تحت شعار "ارحلوا"، وسط مخاوف من احتمالية التعرض لحملة قمع شاملة.
في حين قُتل ما لا يقل عن 11 محتجاً في اشتباكات مع قوات الأمن في أعقاب الأحداث الأخيرة.
بايدن يمدِّد الطوارئ الخاصة بالسودان
في غضون ذلك، طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتمديد حالة الطوارئ المتعلقة بالسودان في الذكرى السنوية لإعلانها أول مرة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1997.
جاء ذلك في بيان للبيت الأبيض، تضمن نص رسالة بايدن إلى الكونغرس، ونشر على موقعه الإلكتروني.
فيما ذكر البيان أن تمديد حالة الطوارئ المتعلقة بالسودان سيظل سارياً لما بعد 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مؤكداً أن "السودان قطع خطوات واسعة في انتقاله نحو الديمقراطية منذ عام 2019، لكن استيلاء الجيش على الحكومة واعتقال القادة المدنيين الآن يهدّد تلك المكتسبات الإيجابية".
يشار إلى أن قانون الطوارئ الوطنية في الولايات المتحدة ينص على إنهاء تلك الحالة تلقائياً ما لم يطالب الرئيس بتمديدها، في السجل الفيدرالي خلال 90 يوماً قبل تاريخ إعلانها.
في حين يرسل الرئيس الأمريكي إشعاراً إلى الكونغرس ينص على أن حالة الطوارئ ستبقى سارية المفعول.
وصدر قرار العقوبات الأمريكية على السودان في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1997، بقرار تنفيذي رقم 13067، من الرئيس الأسبق بيل كلينتون، بموجب حالة الطوارئ.
كان بايدن قد حثَّ، الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، القادة العسكريين في السودان على الإفراج عن المعتقلين فوراً وإعادة مؤسسات الحكومة الانتقالية، وذلك بعد ساعات قليلة من موقف مماثل عبَّر عنه مجلس الأمن الدولي.
إذ قال بايدن، في بيان صدر بعد وقت قصير من مغادرته واشنطن لحضور اجتماع مجموعة العشرين في روما: "الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية، تمثل انتكاسة خطيرة، لكن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف مع شعب السودان وكفاحه السلمي؛ لدعم أهداف ثورة السودان".
كما أضاف: "تعجبني شجاعة شعب السودان في المطالبة بإسماع صوته والمساعدة على اتخاذ خطوات من أجل بلد ديمقراطي".
أولى العقوبات الأمريكية
كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت، الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنها ستعلق مساعدات بقيمة 700 مليون دولار كانت تستهدف دعم الانتقال الديمقراطي بالسودان، وذلك في أولى العقوبات التي فرضتها واشنطن على الخرطوم في ضوء التطورات الأخيرة.
تلك الخطوة أعلنها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، رداً على التطورات الأخيرة في السودان وإعلان البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.
عواقب طويلة الأمد
من جهتها، أعلنت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، أن الإجراءات التي أقدم عليها الجيش السوداني "تتعارض بشكل صارخ مع إرادة الشعب".
"كارين" أكدت، في تصريحات صحفية، أن الإدارة الأمريكية "تدين الإجراءات المتخذة من قبل الجيش، وتدعو إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء السوداني (عبد الله حمدوك) الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية".
بدوره، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، بوب ميننديز، إن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية ستكون لها عواقب طويلة الأمد على العلاقات مع الولايات المتحدة، وإنه ينبغي له العدول عن ذلك على الفور.
يشار إلى أن واشنطن حاولت تفادي انهيار اتفاق تقاسم السلطة بإرسال مبعوثها الخاص جيفري فيلتمان.