كشف موقع Axios الإخباري الأمريكي، الأربعاء 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أجرى مكالمة هاتفية متوترة مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، وذلك احتجاجاً على الاستيطان الإسرائيلي، بعد قرار تل أبيب الموافقة على إقامة 3000 وحدة سكنية في المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.
تشتد أهمية الأمر لدى الإدارة الأمريكية لكونها المرة الأولى التي توافق فيها السلطات الإسرائيلية على بناء جديد للوحدات الاستيطانية منذ أن تولى بايدن منصبه، وكانت إدارة بايدن بذلت ضغوطاً خاصة على الحكومة الإسرائيلية لعدم المضي قدماً في خطط الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.
مكالمة "متوترة للغاية"
حسب الموقع الأمريكي، وصف مسؤول إسرائيلي رفيع المكالمة بين بيني غانتس وبلينكن التي جرت الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول، بأنها كانت "متوترة للغاية"، وأن "الولايات المتحدة منحتنا بطاقة إنذار صفراء"، على حد تعبيره.
إذ كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يأمل في أن توافق لجنة وزارة الدفاع على بناء الوحدات السكنية الجديدة قبل زيارته لواشنطن في أغسطس/آب الماضي، لكن هذا لم يحدث، ثم ضغط عليه بايدن شخصياً في أثناء الزيارة لإبداء قدرٍ من ضبط النفس في قضية الاستيطان الإسرائيلي.
أدَّى ذلك إلى تعقيد الأمور وأسهم في تأخير الخطط الإسرائيلية لمدة شهرين. ولكن بعذ لك، أعلنت وزارة الدفاع الأسبوع الماضي أن لجنة التخطيط تجتمع للموافقة على عددٍ أكبر من الوحدات السكنية مما كان مخططاً له سابقاً.
من جانبه، اتصل كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في القدس، مايكل راتني، بمستشارة بينيت للسياسة الخارجية، شمريت مئير، للإعراب عن الاحتجاج الأمريكي على هذه الخطوة، في مكالمة وصفتها المصادر بأنها "متوترة".
بعد ذلك، تصاعدت الضغوط الأمريكية يوم الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول عندما اتصل بلينكن بوزير الدفاع الإسرائيلي وأخبره أن عدد الوحدات الاستيطانية ومواقعها المقررة في عمق الضفة الغربية "غير مقبول" أمريكياً، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
طلب بلينكن من غانتس أن يحسب لموقف الولايات المتحدة بشأن الاستيطان الإسرائيلي اعتباراً أكبر في المستقبل.
رد إسرائيلي على المخاوف الأمريكية
في المقابل، أخبر غانتس وزيرَ الخارجية الأمريكي أنه يتفهم مخاوف إدارة بايدن، وأنه قلل من عدد الوحدات الاستيطانية التي كان من المقرر الموافقة عليها بقدر استطاعته.
ادعى غانتس أيضاً أنه وافق على خطط لبناء 1300 وحدة سكنية جديدة للفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل، وأن هذا أمر لم يحدث منذ أكثر من عقد.
كما زعم غانتس أنه تعرض لانتقادات من خصومه السياسيين بسبب لقائه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومنحه وضعاً قانونياً لنحو 4 آلاف فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، مضيفاً أنه "يخطط لاتخاذ المزيد من الخطوات في هذا الاتجاه قريباً"، وفقاً لمسؤول إسرائيلي واحد.
قال غانتس لوزير الخارجية الأمريكي إنه مع النزاع الاستيطاني القائم، فإن هدف الحكومة الإسرائيلية الجديدة هو تقوية السلطة الفلسطينية وتحسين حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، بحسب ما نقل المسؤولون الإسرائيليون.
غضب بسبب مشاريع الاستيطان
على الجانب الآخر، دعا رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، يوم الأحد 24 أكتوبر/تشرين الأول، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى "التصدي للأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل منهجياً" من خلال الاستيطان الإسرائيلي.
يُذكر أن التصعيد الأخير بشأن المستوطنات يأتي في الأسبوع نفسه الذي وقَّع فيه غانتس على قرار بتصنيف ست منظمات غير حكومية فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية"، وهو الأمر الذي أثار أيضاً انتقادات من وزارة الخارجية الأمريكية.
يعترف مسؤولون إسرائيليون كبار بأن موقف الولايات المتحدة بشأن الاستيطان الإسرائيلي بدا أكثر صرامة مما كانوا يتوقعون، لكنهم لاحظوا كذلك أن الانتقادات تأتي بالدرجة الأولى من وزارة الخارجية الأمريكية، مع عدم إبداء البيت الأبيض اهتماماً علنياً بالمسألة في الوقت الحالي.
لهذا، قال مسؤول إسرائيلي رفيع للموقع الأمريكي، إن إسرائيل "عليها ألا تهدر بوادر حسن النية التي تحصل عليها من الإدارة الأمريكية".