شنّ مكتب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، هجوماً حاداً على قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قائلاً إن "دعاوى رأس الانقلاب بأن ما يفعله حماية للثورة لن تنطلي على السودانيين والعالم"، مؤكداً أنه "لا بديل إلا الشوارع والمواكب والإضرابات والعصيان حتى تعود مكتسبات الثورة السودانية".
جاء ذلك، في بيان لمكتب حمدوك نشرته وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة الانتقالية، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، رداً على تصريحات البرهان التي أعلن فيها أن رئيس الوزراء ليس رهن الاعتقال وإنما يقيم معه في منزله.
حيث قال مكتب رئيس الحكومة الانتقالية إن "على الانقلابيين أن يطلقوا سراح رئيس الوزراء وجميع من معه فوراً، وعليهم أن يعلموا أن رئيس الوزراء يحميه شعبه الذي قاد ثورة سلمية طويلة الأجل دون أن تراق قطرة دم واحدة".
فيما أضاف: "رأى العالم كيف تدير الأرتال العسكرية والميليشيات وكتائب ظل النظام البائد صراعاتها مع الشعب السوداني مستخدمة العنف والقتل في تكرار للمآسي الإنسانية التي جُبلت عليها".
"حمدوك يمثل السلطة التنفيذية"
كما تابع مكتب حمدوك: "لن تنطلي على الشعب السوداني وعلى العالم دعوة رأس الانقلاب إلى أن ما يقوم به هو حماية للثورة ولرئيس وزرائها"، مشيراً إلى أن "حمدوك يمثل السلطة التنفيذية المعترف بها من الشعب السوداني والعالم".
في حين أردف: "كلمات رأس الانقلاب وإجراءاته لا تعدو أن تكون إلا مجرد تلاوة لإملاءات تأتي من خطوط داخلية وخارجية ولا علاقة لها بالجيش السوداني أو مصلحة الوطن".
وأكمل: "الكل يعلم أن التحالف الذي يتشكل الآن للإجهاز على البلاد والثورة السودانية هو تحالف ظاهره قيادة الجيش، وباطنه مليشيات متنوعة، وكتائب الظل، وقادة سياسيين محدودي القدرات واسعي المصالح الذاتية، ولكن باطنه ومن يقوده من الخلف هو المؤتمر الوطني (في إشارة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير) وقياداته في الداخل والخارج".
كذلك زاد مكتب حمدوك بقوله: "نثق في أن الشعب السوداني لن يركن لمحاولات التغبيش والكلمات المعسولة حول تصحيح الثورة؛ فالثورة السودانية ملك للشعب وهو من يستطيع تصحيحها وإدارتها نحو المصلحة العليا للبلاد وأهلها".
في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، قال البرهان، خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم، إن حمدوك "معي في منزلي للحفاظ على سلامته ويمارس حياته بشكل طبيعي وسيعود إلى منزله"، مردفاً أن "ما قمنا به ليس انقلاباً عسكرياً، وإنما هو تصحيح لمسار الثورة".
أحداث متسارعة في السودان
كان الجيش قد نفذ، فجر الإثنين، حملة اعتقالات طالت رئيس الحكومة، ووزراء ومسؤولين وقيادات حزبية، قبل ساعات من إعلان البرهان حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.
بينما اندلعت احتجاجات في بعض مناطق الخرطوم، تخللها حرق إطارات سيارات، إثر اعتقال قيادات من الائتلاف الحاكم، في وقت يقيد فيه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حركة المدنيين في العاصمة.
تأتي هذه التطورات بعد 3 أيام من تحذير قوى "الحرية والتغيير" من حدوث ما وصفته بـ"انقلاب زاحف" في البلاد، حيث قال المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني ياسر عرمان، إن "الأزمة الحالية مصنوعة على شكل انقلاب زاحف"، في وقت يغلق فيه محتجون منذ نحو شهر مرفأ بورتسودان الرئيسي في شرق البلاد، وينفذ مئات المحتجون الآخرون اعتصاماً منذ أسبوع قرب القصر الرئاسي، للمطالبة بتشكيل "حكومة عسكرية".
كان التوتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية بالسودان قد تصاعد منذ أسابيع، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
يُشار إلى أن السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام.