على وقع انتقادات وضغوط دولية متزايدة، أعلن وزيران إسرائيليان، السبت 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، معارضتهما قرار وزير الدفاع، بيني غانتس، اعتبار 6 مؤسسات أهلية فلسطينية "إرهابية".
حيث قال وزير الصحة الإسرائيلي نيتسان هوروفيتس، الذي ينتمي إلى حزب "ميرتس" اليساري، في تغريدة على "تويتر": "هذه منظمات مجتمع مدني معروفة، وهذه مسألة إشكالية للغاية بتعريفها على هذا النحو، وعلى غانتس والمؤسسة الأمنية تقديم أدلة للجمهور حول قراره".
هوروفيتس أضاف: "يجب أن تكون إسرائيل حريصة للغاية، وشديدة الحذر في فرض قيود على منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، لأن ذلك له آثار في المجال السياسي والعلاقات الخارجية، والأهم من ذلك في مجال حقوق الإنسان".
من جهتها، قالت وزيرة البيئة في الحكومة الإسرائيلية، تمارا زاندبيرغ، التي تنتمي إلى حزب "ميرتس" أيضاً: "إن 3 على الأقل من تلك المؤسسات قديمة ومعروفة لدى الوسط الحقوقي وعلى المستوى الدولي".
فيما تابعت زاندبيرغ، في حديث لقناة (كان) الرسمية: "في كثير من الأحيان يتم ربط حقوق الإنسان واليسار ومعارضة الاحتلال بالإرهاب، ولكن هنا ليس هو هذا الحال".
التواصل مع الإدارة الأمريكية
في السياق ذاته، قال مسؤولون بالحكومة الإسرائيلية، دون أن يذكروا أسماءهم، في تصريح لصحيفة "يديعوت أحرنوت" (خاصة)، إن "جهات سياسية وأمنية أطلعت الإدارة الأمريكية على قرار غانتس تصنيف 6 منظمات حقوقية وأهلية فلسطينية على أنها "إرهابية"، قبل الإعلان عن القرار.
المسؤولون زعموا أن محادثات استخباراتية جرت بين تل أبيب وواشنطن قبل الإعلان عن القرار؛ لكن تلك المعلومات لم تصل لوزارة الخارجية الأمريكية؛ ما تسبب في "سوء فهم"، حيث صرّح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، قائلاً إن "الحكومة الإسرائيلية لم تبلغنا مسبقاً بشأن الخطوة".
كانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت، الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إخراج 6 مؤسسات أهلية فلسطينية عن القانون، بداعي ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (يسارية).
يشار إلى أن إسرائيل تصنف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أنها منظمة "إرهابية".
في حين قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، إن القرار صدر عن وزارة العدل الإسرائيلية.
هذا القرار الإسرائيلي شمل مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان "الحق"، ومركز "بيسان"، وشبكة صامدون للدفاع عن الأسرى، والحركة العالمية للدفاع عن الطفل-فلسطين، واتحاد لجان العمل الزراعي.
تعهّد بمواصلة العمل
في المقابل، تعهدت تلك المؤسسات الأهلية الفلسطينية، السبت، بالاستمرار في عملها، وضمن ذلك ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية، رغم إعلان إسرائيل إغلاقها.
إذ قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة "القانون من أجل حقوق الإنسان" (الحق)، متحدثاً باسم المؤسسات المستهدفة، خلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله: "سنستمر في عملنا، كأنه لا يوجد قانون أو قرار إسرائيلي (بالإغلاق)؛ إيماناً منا بما نقوم به دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني".
تابع جبارين أن المؤسسات المستهدفة "مؤسسات للشعب الفلسطيني، وبرنامجها هو برنامج الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وملاحقة المجرمين"، منوهاً إلى أن المؤسسات المستهدفة لم تبلَّغ بالقرار "الصادر عما يسمى وزير الدفاع الإسرائيلي (…) وعلمنا به من وسائل الإعلام".
قرار سياسي
كما اعتبر جبارين، القرار الإسرائيلي "سياسياً وليس أمنياً"، مضيفاً: "نتحدى أن يُقدم الجانب الإسرائيلي أي إثبات لما يدعيه".
المتحدث ذاته أضاف أن القرار "يأتي في إطار سلسلة طويلة من التشهير بالمؤسسات؛ لإسكاتها وإنهاء صوتها على المستوى الدولي (…) بينها الضغط على الممولين لتجفيف مواردها"، موضحاً أن المؤسسات الحقوقية "تدرس الخطوة التالية بعد الإغلاق"، وفي الوقت ذاته "سنستمر في موضوع ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين".
كانت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أعلنت في مطلع مارس/آذار الماضي، إطلاق تحقيق بالحالة في فلسطين، ومؤسسة "الحق" واحدة من أبرز المؤسسات التي أعدَّت ملفات قُدِّمت للمحكمة، بينها ملفا الأسرى والاستيطان.
من جهته، قال عمار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني، في المؤتمر الصحفي ذاته، إن السلطة الفلسطينية طالبت الدول، بشكل مباشر، بالوقوف مع هذه المؤسسات.
في حين لفت حجازي إلى أن القرار الإسرائيلي "يُعرِّض الفاعلين والناشطين في المجتمع المدني للخطر"، مُحمِّلاً إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة العاملين في المجتمع المدني".