كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجزائر تعتزم إلغاء استعمال اللغة الفرنسية في كل دوائرها الرسمية مع نهاية السنة القادمة.
ووفق المصدر ذاته، فإن القرار الأخير الذي اتخذته وزارتا التكوين المهني والشباب والرياضة المتعلّق بالتعامل حصراً باللغة الوطنية الرسمية العربية في جميع مراسلاتها ابتداء من الفاتح نوفمبر/تشرين الثاني 2020 الموافق لاندلاع الثورة التحريرية ضدّ الاستعمار الفرنسي، اتخذ من طرف رئاسة الجمهورية.
وأضاف المصدر أن قرار التخلي عن اللغة الفرنسية في المؤسسات الرسمية الجزائرية سيتم تدريجياً وسيمسّ وزارات وقطاعات أخرى أكثر أهمية من وزارة التكوين المهني والشباب والرياضة.
اللغة الفرنسية في الجزائر
وتستعمل جلّ المؤسسات الرسمية اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية في مراسلاتها وبياناتها، وهناك دوائر حكومية تستعمل الفرنسية فقط.
وتحقق وزارتا الدفاع والعدل الاستثناء الوحيد في البلاد، بحيث تستعملان اللغة العربية حصراً في جميع تعاملاتهما.
واعتبر المحلل السياسي فاتح بن حمو، الذي تحدث لـ"عربي بوست" أن القرار الذي اتخذته الجزائر سيادي، وكان يجب اتخاذه قبل عقود وليس اليوم فقط.
وأضاف المتحدّث أن القرار يصبّ في إطار التصعيد الجزائري تجاه باريس بعد الأزمة السياسية الأخيرة بين البلدين.
جدل قانون التعريب
منذ أن تمّ تجميده سنة 1992 بعد الإطاحة بالرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وقانون التعريب، الذي ينص على التعامل باللغة العربية فقط يثير الجدل في الجزائر.
وعطل كل من الرئيسين محمد بوضياف وعلي كافي بعد ضغوطات فرنسية، قانون التعريب، حسب تصريحات تلفزيونية لوزير التعليم في تلك الفترة أحمد بن محمد، الذي أوكلت له مهمة إعداد القانون للشروع في تطبيقه ابتداء من 5 يوليو/تموز 1992 الموافق لتاريخ استقلال الجزائر عن فرنسا.
وظل قانون التعريب محل مزايدات سياسية لا سيما عشية كل انتخابات رئاسية، إذ تُقدم وعود برفع التجميد كليًا عن القانون لكن ضغوطات اللوبي الفرنسي في الجزائر كان دائماً يتصدى لأي قرار يساهم في تراجع اللغة الفرنسية على حساب العربية.
ورغم أن الرئيس الأسبق اليمين زروال كان قد عدل في القانون ووقعه لكنه ظل حبراً على ورق ولم يطبق على أرض الواقع لتمكن التيار الفرنكوفوني ونفوذه في الإدارة الجزائرية.
ويعتقد المحلل السياسي نور الدين ختال أن قرار وزيري التكوين المهني والرياضة باستعمال اللغة العربية بدل الفرنسية، جاء موافقاً للقانون 91-05 وهو إحدى صور تجسيد سيادة الدولة، لأن كل الدول القوية تستعمل لغتها الرسمية وليس لغات أخرى، وفي الجزائر اللغة الوحيدة الجامعة لكل الشعب هي اللغة العربية.
ويأمل المحلل فاتح بن حمو أن تستغل الجزائر هذه المرة فرصة توتر العلاقات مع فرنسا والذهاب نحو التعريب الكلي والتخلي عن اللغة الفرنسية في الدوائر الرسمية.
واقترح بن حمو إعطاء فرصة أكبر للغة الانجليزية على حساب الفرنسية باعتبارها لغة العلم والبحوث والتطور.
ماذا ستخسر فرنسا؟
لاشك أن فرنسا ستحاول الضغط بقوة على الجزائر لإفشال مخطط التعريب الذي بذلت جهوداً جبارة قبل 30 سنة لتعطيل تفعيله.
ويقول المحلل السياسي نور الدين ختال لـ"عربي بوست" إن فرنسا ستحاول المحافظة على لغتها في الجزائر على اعتبار أنها إحدى أكبر الدول الفرانكفونية في العالم.
وحسب ختال، فإن تراجع اللغة الفرنسية في الجزائر يعني تراجع العلاقات الثنائية السياحية والثقافية والاجتماعية، وما يهم باريس أكثر تراجع هيمنتها التجارية التي تراجعت بالفعل بعد تفوق الصادرات الصينية إلى الجزائر على نظيرتها الفرنسية.