أيام قبل عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية المغربي، دفعت الأمانة العامة للحزب (القيادة السياسية) ببعض المقترحات التي تهدف إلى تعديل قانون انتخاب الأمين العام، وكذا التحكم في المدة الزمنية لعقد المؤتمر العادي المقبل.
تحركات الأمانة العامة للحزب الذي مُنِي بهزيمة كبيرة في الانتخابات الأخيرة، تواجه شكوكاً كبيرة لدى باقي الأعضاء، هذه الشكوك التي ظهرت خلال اجتماع لجنتي "الشؤون التنظيمية" و"الأنظمة والمساطر" ببرلمان الحزب، هاتين الأخيرتين اللتين رفضتا كل التعديلات المقترحة.
وتقضي الأنظمة الداخلية لحزب العدالة والتنمية أن تحال جميع التعديلات القانونية التي تقترحها الأمانة العامة على برلمان الحزب (المجلس الوطني)، والذي يحيلها إلى لجانه المختصة، وبعد اتخاذ القرار داخل اللجنة سواء بالرفض أو القبول، تحال على الدورة المقبلة للمجلس من أجل اتخاذ القرار النهائي.
ويعقد برلمان حزب العدالة والتنمية دورة استثنائية في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، لحسم هذه التعديلات، وكذلك لوضع الترتيبات النهائية لعقد المؤتمر العادي.
آلية اختيار الأمين العام الجديد
وفق ما حصل عليه "عربي بوست" من معطيات، فإن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أحالت على المجلس الوطني للحزب (برلمان) مشروعين يتعلقان بالمؤتمر الوطني الاستثنائي، المقرر إجراؤه يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبحسب مصادر "عربي بوست" فإن المشروع الأول الذي تقدمت به قيادة الحزب، يقضي بتغيير المادة 43 من النظام الداخلي للحزب، التي تخص مسطرة انتخاب الأمين العام.
وقال نص التعديل الذي تقترحه الأمانة العامة، إنه "إذا تقرر انتخاب الأمين العام في دورة استثنائية للمؤتمر الوطني، فإن اختياره يتم بترشيح من أعضاء المجلس الوطني القائم، وليس المجلس الوطني القديم، كما ينص القانون الداخلي الحالي".
ويقضي القانون الداخلي الحالي أن عملية انتخاب الأمين العام الجديد تتم عن طريق أعضاء برلمان الحزب المنتهية ولايته، وأيضاً بمشاركة أعضاء البرلمان الجديد، هذا الأخير الذي يتم انتخابه قبل انتخابه قبل انتخاب الأمين العام، في نفس المؤتمر.
وشكك الرافضون لمقترح القانون الذي جاءت به الأمانة العامة في رغبة هذه الأخيرة إقصاء أعضاء البرلمان المنتهية ولايته سنة 2016، لأن المؤتمر الاستثنائي المنتظر تنظيمه بعد أيام لم يتم فيه تجديد أعضاء المجلس الوطني الجديد للحزب، وبالتالي سيكون إجبارياً العودة إلى الأعضاء القدامى والحاليين للتصويت على القيادة الجديدة.
وأشارت مصادر الحزب إلى أن المشروع المتعلق بانتخاب الأمين العام، عرف نقاشاً، خرج بنتيجة رفض الحاضرين مقترح الأمانة العامة الاكتفاء بأعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب) الحالي، دونما حاجة إلى الأعضاء السابقين في المؤسسة.
فشل سياسي
أما بخصوص المشروع الثاني الذي تقدمت به الأمانة العامة، فتقول مصادر "عربي بوست" إنه يتعلق بتأجيل المؤتمر الوطني العادي إلى سنة، والذي يعني تحديد عمر القيادة المقبلة للحزب التي سيتم انتخابها في المؤتمر الاستثنائي المقبل في سنة واحدة، من أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وتُميز قوانين العدالة والتنمية بين المؤتمر الوطني العادي الذي يعقد كل أربع سنوات ضرورة، وفي حالة غير عادية تدعو الأمانة العامة أو المجلس الوطني إلى عقد مؤتمر استثنائي، وهو ما قامت به القيادة السياسية للحزب يوم 9 سبتمبر/أيلول 2021 عقب إعلان نتائج الانتخابات.
وعلمت "عربي بوست" أن لجنتي الأنظمة والمساطر والشؤون التنظيمية في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أفشلتا المشروعين معاً اللذين جاءت بهما الأمانة العامة للحزب.
وقالت مصادر "عربي بوست" إن أول مشروع جرت مناقشته في الاجتماع، الذي جرى يوم السبت 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تعلق بتأجيل المؤتمر الوطني العادي إلى السنة المقبلة.
هذا المقترح واجه معارضة كبيرة، تقول مصادر "عربي بوست"، إذ اعتبرت المداخلات أن الأمانة العامة المنتهية ولايتها، ليس من حقها تقييد صلاحيات المؤتمر، أو القيادة المقبلة.
وأضافت المصادر أن النقاش داخل للجنة تحول إلى محاكمة أخلاقية للأمانة العامة الحالية، إذ استغرب المتدخلون من قدرتها على تغيير القوانين رغم فشلها الداخلي والخارجي في وضع خارطة طريق مستقبلية للحزب، وتقييد صلاحيات المؤتمر.
وأوضحت المصادر أن مقترحات أخرى طرحت في ذات اللقاء، بعضها دعا إلى تأجيل المؤتمر العادي لمدة سنة ونصف، وآخر سنتين، بينما ذهب توجه ثالث إلى عدم تقييد المؤتمر والقيادة المستقبلية للحزب بأي موعد.
هذا الموقف الذي عبر عنه انعكس في التصويت، إذ لم يوافق الأمانة العامة في طرحها إلا 5 أصوات، وهو ما أسقط هذا المقترح من اللجنة، وبالتالي ووفق قانون الحزب ستتم إحالته على الدورة المقبلة للمجلس الوطني للحزب للحسم فيه.
القيادة تدافع عن نفسها
أمام هذه الاتهامات أكدت مصادر من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن التعديلات التي تقدمت بها أملتها ضرورات قانونية، خاصة، وأن الحزب لا يوجد أي نص في قوانينه الداخلية تتحدث عن مؤتمر استثنائي.
وأضافت المصادر نفسها أن الحزب الآن يمر بمرحلة حساسة في تاريخه، لذلك قرر عقد مؤتمر استثنائي للخروج منها، ووجد نفسه أمام بياضات قانونية، سعت الأمانة العامة تداركها، مشيراً إلى أن "تعديل القوانين لم يكُن بالنية التي فهمها الإخوان، بل رغبة في تفادي مشاكل قانونية قد تتولد مستقبلاً، الحزب في غنى عنها على الأقل في الوقت الحالي".
وأضاف مصدر "عربي بوست" من داخل الأمانة العامة أنه وفق قوانين الحزب فإن المجلس الوطني السابق يضم في عضويته، البرلمانيين باسم الحزب، ورؤساء الجماعات، ووفق النص الحالي فعضوية المؤتمر تضم أعضاء فقدوا الصفة لأنهم لم يعودوا برلمانيين أو رؤساء جماعات، وآخرين استقالوا من الحزب أو أقيلوا منه.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الحل الذي اقترحته الأمانة العامة للحزب، أدخل تعديل على المادة 43 بحيث إن الأعضاء السابقين فقدوا الصفة، وبالتالي يبقى حق الحضور لمن يملك الصفة إضافة إلى الأعضاء الآخرين.
وبعد فشلها في إقناع لجان المجلس الوطني، تراهن الأمانة العامة للحزب على الحديث المباشر إلى أعضاء برلمان الحزب، الذي سيعقد نهاية الأسبوع 23 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك من أجل تمرير التعديلات التي جاءت بها.
ويستعد حزب العدالة والتنمية لعقد مؤتمر استثنائي بعد استقالة أمانته العامة، على خلفية نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية والبرلمانية، والتي حقق فيها الحزب أسوأ نتيجة منذ تاريخ مشاركته الانتخابية سنة 1997.