أعلنت شركة "فيسبوك" أنها ستسمح لهيئة خارجية مستقلة بفتح تحقيق في تعديل محتوى المنشورات العربية والعبرية بعد اتهام عملاق التكنولوجيا بإزالة وقمع المحتوى المؤيد لفلسطين، بحسب ما أورده موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
حيث قالت "فيسبوك"، في بيان صحفي: "لقد دخلنا في شراكة مع منظمة غير ربحية خبيرة في الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، هي BSR، لإيلاء حقوق الإنسان الاهتمام الواجب في ما يتعلق بتأثيرات فيسبوك خلال العنف المكثف في مايو/أيار ويونيو/حزيران بإسرائيل وفلسطين".
البيان أضاف: "ستفحص BSR مصادر فيسبوك الداخلية ذات الصلة وتتفاعل مع الأطراف المتأثرين. سننفذ توصية مجلس الإدارة كما يجب، وسنحدد جميع قضايا حقوق الإنسان البارزة وأولوياتها وفقاً لتوجيهات مبادئ الأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان".
فيما أشار بيان إلى أن شركة "فيسبوك" ستنشر نتائج التحقيق علناً خلال عام 2022، دون أن يحدد موعداً على وجه الدقة.
توصيات "مجلس الإشراف على فيسبوك"
كان "مجلس الإشراف على فيسبوك" قد أوصى، في 14 سبتمبر/أيلول 2021، بإجراء تحقيق مستقل في تعديل المحتوى فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، لاسيما في أي تحيز أو تمييز بسياساتها وإنفاذ السياسات وأنظمتها، ونشر نتائج التحقيقات، منوهاً إلى أنه يجب إشراك كيان خارجي مستقل في هذا التحقيق.
نتيجة لذلك، كان أمام "فيسبوك" 30 يوماً لإصدار قرار رداً على توصيات "مجلس الإشراف" التي تتفق مع دعوات متعددة من منظمات حقوق الإنسان والحقوق الرقمية إلى إجراء تدقيق عام.
تجدر الإشارة إلى أن نشطاء وجماعات حقوقية اتهموا عملاق التواصل الاجتماعي، الذي يمتلك أيضاً إنستغرام وواتساب، بفرض رقابة على الفلسطينيين وأنصارهم بعد إزالة المنشورات المؤيدة للفلسطينيين.
إضافة إلى ذلك، اتهم ما يقرب من 200 من موظفي فيسبوك أنظمتها بإزالة المحتوى المؤيد لفلسطين أو تقليله على نحو غير عادل قبل وأثناء هجوم إسرائيل الأخير على غزة.
التوجه إلى مواقع التواصل
في حين أدى العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال مايو/أيار 2021، إلى توجه كثيرين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتوثيق، وزيادة الوعي، وإدانة الحلقة الأحدث من الانتهاكات الحقوقية.
لكن مستخدمي حسابات التواصل الاجتماعي ومنظمات الحقوق الرقمية أيضاً أبلغوا عن مئات المنشورات المحذوفة، والحسابات المعلقة أو المقيّدة، والمجموعات المعطلة، وانخفاض مستوى المشاهدة، وانخفاض التفاعل مع المحتوى، وهاشتاغات محظورة.
في السياق ذاته، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" أن منصة "إنستغرام"، التي تملكها "فيسبوك"، أزالت منشورات تخص المحتوى الفلسطيني، من ضمنها تلك التي تعيد نشر محتوى من مؤسسات إخبارية رئيسية.
جدير بالذكر أن مركز "صدى سوشال"، (غير حكومي) ومقره مدينة رام الله بالضفة الغربية، كان قد بعث بشكوى، خلال شهر مايو/أيار الماضي، إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير إيرين خان، وإلى إدارة شركة فيسبوك، حول انتهاكات الأخيرة للمحتوى الفلسطيني.
المركز المختص بالمحتوى الرقمي الفلسطيني على شبكات التواصل أضاف أن الرسالة تتضمن شكوى "حول الرقابة التعسفية على المحتوى المنشور على المنصة من قِبل الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين"، مطالباً بـ"مراجعة عاجلة وشرح للقرارات التي اتخذها فيسبوك بتعليق الحسابات والمنشورات التابعة لوكالات الأنباء الفلسطينية والنشطاء الفلسطينيين".
في حين أوضح المركز أنه وثَّق هذا العام "مئات من حالات الرقابة غير المبررة على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعم حقوق الفلسطينيين"، منوهاً إلى أنه رصد خلال فترة التصعيد الأخيرة، أكثر من 400 انتهاك بحق المحتوى الفلسطيني ككل.
وقف إطلاق النار
كان التوتر قد تصاعد في قطاع غزة بشكل كبير، بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضده في 10 مايو/أيار 2021، تسببت بمجازر ودمار واسع في منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضٍ زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، قبل بدء وقف لإطلاق النار.
إلا أنه مع فجر الجمعة 21 مايو/أيار الماضي، بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية ودولية، بعد 11 يوماً من العدوان.
هذا العدوان الإسرائيلي الوحشي على أراضي السلطة الفلسطينية والبلدات العربية بإسرائيل، أسفر عن 289 شهيداً بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، و17 مسناً، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها "شديدة الخطورة".
في المقابل، أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى إلى مقتل 13 إسرائيلياً بينهم ضابط، في حين أُصيب أكثر من 800 آخرين بجروح، إضافة إلى تضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف بعض المطارات لأيام طويلة.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت؛ إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما ضمت مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.