كشف تحقيق لموقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 30 سبتمبر/أيلول 2021، عن معطيات جديدة وخطيرة بخصوص هجومٍ دموي على نقطة تفتيش تابعة للشرطة الاتحادية العراقية بالقرب من ناحية الرشاد في محافظة كركوك، وهي المعطيات التي تفند الرواية الرسمية بالعراق حول مسؤولية تنظيم "داعش" إلى عنه، وتؤكد أن للأمر علاقة بجريمة اغتصاب.
بناءً على مقابلات مع قوات الأمن ومسؤولين على الأرض في كركوك وبغداد، توصّل إلى نتائج تُخالف الرواية الرسمية عن الهجوم، إذ كشف التحقيق عن عملية تستر كاملة من جانب كبار ضباط الشرطة والقادة العسكريين لإخفاء حقيقة ما حدث في تلك الليلة، وتحميل المسؤولية لـ"داعش".
حيث علم الموقع البريطاني أنّ الهجوم قد نفّذه أبناء إحدى القرى بغرض الانتقام لجريمة اغتصاب يُزعم أن اثنين من رجال الشرطة في نقطة التفتيش قاما بها.
الرواية الرسمية
في وقتٍ متأخر من مساء الرابع من سبتمبر/أيلول، تحدّث البيان الرسمي الصادر من خلية الإعلام بالشرطة الاتحادية، عن اندلاع اشتباكات بين قوات الشرطة وعصابات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
بينما صرّح القادة العسكريون في بغداد للمراسلين، بأن جميع أفراد الشرطة في نقطة التفتيش لقوا مصرعهم خلال المعركة المسلحة بعد نفاد ذخيرتهم.
كان هناك تسعة رجال في الخدمة داخل نقطة التفتيش، بينما قُتِلَ ثلاثة آخرون وأُصيب ستة غيرهم بجراح خلال تفجيرين على جانب الطريق تسبّبا في منع وصول التعزيزات لموقع الهجوم.
"كانوا نائمين جميعاً"
كما علم الموقع البريطاني أيضاً أنّ التقارير الواردة عن مصرع رجال الشرطة في معركةٍ بالأسلحة، كلها غير صحيحة.
ففي الواقع، بحسب مصادر مطلعة على تحقيقات الشرطة الاتحادية، لقي الضباط مصرعهم دون إطلاق عيارٍ ناري واحد بعد أن تمكّن المهاجمون من اختراق نقطة التفتيش سراً، كما أنّ بعض الضباط قُطِعت رؤوسهم وشُوّهت جثثهم وهم نائمون في الأسرّة.
كما أفاد ضباطٌ من المطلعين على التحقيقات في الشرطة الاتحادية للموقع البريطاني بأن الضباط في نقطة التفتيش لم يُبلِغوا عن الهجوم أو يطلبوا التعزيزات، وحين وصل المحققون إلى نقطة التفتيش في اليوم التالي، وجدوا صناديق الذخيرة بحالتها دون أن يلمسها أحد.
إذ صرّح ضابطٌ بارز بالفرقة الخامسة من الشرطة الاتحادية لموقع Middle East Eye: "أظهرت سجلات الكاميرات الحرارية أنّ الضباط التسعة كانوا نائمين جميعاً حين وقع الهجوم".
بينما قالت مصادر اطلعت على لقطات الكاميرات للموقع، إن الهجوم تم تنفيذه بواسطة ستة رجال مسلحين اقتربوا من نقطة التفتيش سيراً على الأقدام.
ولم يكتشف المحققون بعدُ ما إذا كانت التفجيرات التي طالت التعزيزات الأمنية على الطريق مرتبطةً ارتباطاً مباشراً بالهجوم على نقطة التفتيش أم لا. إذ عادةً ما ينشر مسلحو داعش المتفجرات على الطرق التي تستعملها القوات الأمنية، خاصةً في المناطق النائية مثل الرشاد.
اغتصاب مراهقة ترعى الغنم
قبل الهجوم بثلاثة أيام، كانت إحدى المراهقات ترعى الماشية في الجوار، حيث توجد عشرات المستعمرات الريفية الصغيرة في المنطقة، ولم يُحدد الموقع البريطاني اسم القرية التي تنتمي إليها الفتاة؛ لحساسية المسألة.
وفقاً لضابطٍ بارز مشارك في التحقيقات، فقد لاحظ اثنان من ضباط نقطة التفتيش أن الفتاة كانت بمفردها وسط منطقةٍ مهجورة.
لذا أجبرا الفتاة على مرافقتهما "وتناوبا على اغتصابها" بحسب الضابط، وقد أكّدت العديد من المصادر تفاصيل الواقعة للموقع البريطاني.
إذ أفاد ضابطٌ بارز آخر للموقع بأنّ "من نفذوا الهجوم على نقطة التفتيش من أبناء القرية، حيث نفّذ العملية أشقاء الفتاة وأبناء عمومتها".
قطع للرؤوس وانتقام جماعي
كما خلص المحققون إلى أن المهاجمين كانوا يعرفون جيداً هويات ضباط الشرطة الذين كانوا يبحثون عنهم، إلى جانب ضابطين آخرين متهمين بالتورط في التستر على الواقعة.
فقد تم فصل هؤلاء الأربعة في غرفة النوم عن بقية الضباط الخمسة، الذين تم إيقاظهم واقتيادهم تحت تهديد السلاح إلى الفناء الخارجي.
كما صرّح ضابطٌ مشارك في التحقيقات للموقع: "ما رأيناه كان صادماً وعنيفاً. لقد حاول المهاجمون تقليد أسلوب داعش، لكنهم لم ينجحوا كلياً".
وفقاً لمصادر Middle East Eye، فقد قطعوا رؤوس ضابطي الشرطة المتهمين باغتصاب الفتاة في سريريهما، كما قطع المهاجمون من القرية الأعضاء التناسلية لأولئك الضباط أيضاً.
أما الضابطان المتهمان بالتستر على الاغتصاب، فقد قُتلا أيضاً في أثناء نومهما، حيث تم تهشيم رأس أحدهما بحجرٍ كبير، ولم تُفِد مصادر الموقع البريطاني بكيفية قتل الضابط الرابع.
فيما يعتقد المحققون أنّ المهاجمين لم ينووا قتل الضباط الخمسة الآخرين.
لكن أحد الضباط قال: "خرجت الأمور عن السيطرة حين ثار غضب أحد المهاجمين، ففتح النار على الضباط الخمسة وقتلهم جميعاً".
كما تناهى إلى علم الموقع البريطاني أنّ الشرطة داهمت قرية المهاجمين بعد عدة أيام، لكن جميع المشتبه بهم كانوا قد لاذوا بالفرار. في حين صرّحت مصادر محلية للموقع بأنّ الفتاة وعائلتها قرروا عدم التقدم بشكوى رسمية ضد الشرطة.